مناهج الاختيار
(١)
الاختيار المعتزلي
لقد وقفت في البحوث السابقة على مناهج الجبر واختلافها ، فحان وقت البحث عن مناهج الاختيار باختلافها ، فأكثر المعتزلة إلّا من شذّ ـ كالنجار وأبى الحسين البصري(١) ـ يقولون بأنّ أفعال العبد واقعة بقدرة العبد وحدها على سبيل الاستقلال بلا إيجاب بل باختيار (٢).
ولب مذهبهم ومن حذا حذوهم أنّ الله تعالى أوجد العباد وأقدرهم على أفعالهم وفوّض إليهم الاختيار. فهم مستقلون بإيجاد أفعالهم على وفق مشيئتهم ، وطبق قدرتهم. وأنّ الله أراد منهم الإيمان والطاعة وكره منهم الكفر والمعصية. قالوا : وعلى هذا يترتب أمور :
١ ـ فائدة التكليف بالأوامر والنواهي ، وفائدة الوعد والوعيد.
٢ ـ استحقاق الثواب والعقاب.
٣ ـ تنزيه الله سبحانه عن إيجاد القبائح والشرور من أنواع الكفر والمعاصي والمساوئ.
__________________
(١) لاحظ حاشية شرح المواقف ، لعبد الحكيم السيالكوتي ، ج ٢ ، ص ١٤٦.
(٢) ولعل قولهم بلا إيجاب إشارة إلى أنّ الفعل حال الصدور لا يتصف بالوجوب أيضا والقاعدة الفلسفية (الشيء ما لم يجب لم يوجد) غير مقبولة عندهم.