من دون الله أو مع الله؟ فسكت عباية ، فقال له أمير المؤمنين : قل يا عباية ، قال : وما أقول؟. قال (عليهالسلام) إن قلت إنك تملكها مع الله قتلتك. وإن قلت تملكها دون الله قتلتك. قال عباية : فما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال (عليهالسلام) تقول : إنك تملكها بالله الذي يملكها من دونك. فإن يملّكها إياك كان ذلك من عطائه ، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه ، هو المالك لما ملّكك ، والقادر على ما عليه أقدرك» (١).
قال العلّامة الطباطبائي : اختلف في الاستطاعة قبل الفعل هل العبد مستقل بها بحيث يتصرف في الأسباب وآلات الفعل من غير أن يرتبط شيء من تصرفه بالله ، أم لله فيها صنع ، بحيث إنّ القدرة لله مضافة إلى سائر الأسباب ، وإنما يقدر العبد بتمليك الله إيّاه شيئا منها ، المعتزلة على الأول والمتحصل من أخبار أهل البيت (عليهمالسلام) هو الثاني (٢).
ولكن إنّ تمليكه سبحانه لا يبطل ملكه ، فالمولى مالك لجميع ما يملكه في عين كونه ملكا للعبد (٣).
وقد اكتفينا بهذا النزر اليسير ، وهو غيض من فيض ، وقليل من الكثير من الأحاديث الواردة في باب الجبر والتفويض ، وباب القضاء والقدر. وقد تقدم إيراد مجموعة من هذه الأحاديث فيما مضى.
ومن ظريف ما روي عن الشهيد السعيد زين الدين الجبعي العاملي (ت ٩٠٩ ـ م ٩٦٦) قوله :
لقد جاء في القرآن آية حكمة |
|
تدمّر آيات الضّلال ومن يجبر |
__________________
(١) المصدر السابق كتاب العدل والمعاد الباب الثاني الحديث ١ ، ص ٧١ ـ ٧٥. وهذا الحديث يفسّر ما رواه المجلسي عن أبي إبراهيم موسى الكاظم برقم ٦١ ، ص ٣٩ ، المصدر السابق نفسه.
(٢) المصدر السابق ، ص ٣٩ ، تعليقة العلّامة الطباطبائي رحمهالله.
(٣) لاحظ تعليقته الأخرى ، ص ٨٣.