الفضل عن الرضا (عليهالسلام) فيما كتب للمأمون : «من محض الإسلام أن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلّا وسعها ، وأن أفعال العباد مخلوقة لله ، خلق تقدير لا خلق تكوين ، والله خالق كل شيء ولا نقول بالجبر والتفويض» (١).
٥ ـ روى السيد بن طاوس في (طرائفه) قال : روي أنّ الفضل بن سهل سأل الرضا (عليهالسلام) بين يدي المأمون فقال : «يا أبا الحسن الخلق مجبورون؟ فقال : الله أعدل من أن يجبر خلقه ثم يعذبهم. قال : فمطلقون؟ قال : الله أحكم من أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه» (٢).
٦ ـ وقد كتب الإمام العاشر أبو الحسن الثالث (صلوات الله عليه) رسالة في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وإثبات العدل ، والأمر بين الأمرين ، وهذه الرسالة نقلها صاحب تحف العقول في كتابه وممّا جاء فيها : «فأما الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ فهو قول من زعم أنّ الله جل وعز ، أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها ، ومن قال بهذا القول فقد ظلّم الله في حكمه وكذّبه وردّ عليه قوله : (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٣) ، وقوله : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٤) ، وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٥). فمن زعم أنّه مجبر على المعاصي ، فقد أحال بذنبه على الله ، وقد ظلّمه في عقوبته ، ومن ظلّم الله فقد كذّب كتابه ، ومن كذّب كتابه ، فقد لزمه الكفر باجتماع الأمة. ـ إلى أن قال ـ : فمن زعم أنّ الله تعالى فوض أمره ونهيه إلى عباده فقد أثبت عليه العجز ... ـ إلى أن قال ـ لكن نقول : إنّ الله عزوجل خلق الخلق بقدرته ، وملّكهم استطاعة تعبّدهم بها فأمرهم ونهاهم بما أراد ... إلى أن قال : وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الأسدي حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل ، فقال له أمير المؤمنين : سألت عن الاستطاعة ، تملكها
__________________
(١) البحار كتاب العدل والمعاد ، ج ٥ ، الحديث ٣٨ ، ص ٣٠.
(٢) المصدر السابق الحديث ١٢٠ ص ٥٦.
(٣) سورة الكهف : الآية ٤٩.
(٤) سورة الحج : الآية ١٠.
(٥) سورة يونس : الآية ٤٤.