يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (١).
فالآية الرابعة تسند حركة السحاب إلى الرياح وتقول «فتثير سحابا» وهذه الآية تسندها إلى الله سبحانه وتقول «إنّ الله يزجي سحابا». وكلا الإسنادين صحيح ، حيث إنّ الرياح جند من جنوده سبحانه وسبب من أسبابه التي تعلقت مشيئته على نزول الفيض من طريقها ولأجل ذلك يعدّ فعلها فعله. والكلّ قائم به قيام الممكن بالواجب.
٦ ـ قال سبحانه : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٢).
فالآية تصرح بتأثير الماء في اهتزاز الأرض وربوتها ، ثم تصرح بإنبات الأرض من كل زوج بهيج.
٧ ـ قال سبحانه : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣).
فالآية تسند إنبات السبع سنابل إلى الحبة.
وحصيلة البحث أنّه سبحانه يسند الإنبات في هذه الآيات إلى الأرض والحبّ ولكنه يسند ـ في الوقت نفسه ـ ذلك الفعل إلى ذاته ويقول : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ، ما كانَ لَكُمْ أَنْ
__________________
(١) سورة النور : الآية ٤٣.
(٢) سورة الحج : الآية ٥.
(٣) سورة البقرة : الآية ٢٦١.