تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (١).
ويقول أيضا : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (٢). ولا اختلاف بين الآيات في جميع هذه المجالات إذ الفعل فعل الله سبحانه بما أنّه منشئ الكون وموجده ، ومسبب الأسباب ومكونها. كما هو فعل السبب ، لصلة بينه وبين آثاره. والأسباب والعلل على مراتبها مخلوقات لله مؤثرات بإذنه ، وليس الإسنادان في درجة واحدة وعرض واحد ، بل أحدهما في طول الآخر.
٨ ـ قال سبحانه : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)(٣).
أي جعل على ظهر الأرض ، الجبال الثوابت لئلا تضطرب بكم ، فقد نسب صيانة الإنسان عن الاضطراب والميدان إلى نفسه حيث قال «وألقى». وإلى سببه حيث قال «رواسي أن تميد بكم» ، أي لغاية أن تصونكم الرواسي عن ميدان الأرض بكم كرواسي السفن الصائنة لها عن الميدان والاضطراب. والكل يهدف إلى أمر واحد وهو الذي ورد في قوله سبحانه : (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٤). أي هذا الذي تشاهدونه في السماء والأرض وما بينهما من الأسباب والمسبّبات كلّه مخلوق لله ، والأسباب جنوده والآثار آثار للسّبب وللمسبّب بالكسر. ما ذكرناه تحليل لنظرية الأشعري في ضوء الوحي ، وقد عرفت أن الوحي يردها بحماس.
وهناك تحليل فلسفي لها وهو أنه لا شك أنّ كثيرا مما نجده من
__________________
(١) سورة النمل : الآية ٦٠.
(٢) سورة لقمان : الآية ١٠.
(٣) سورة لقمان : الآية ١٠.
(٤) سورة لقمان : الآية ١١.