بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد النبي وآله أجمعين.
هذا كتاب أذكر فيه القراءة بالحجاز والشام والعراق ، وبيان اختلافهم في الهمز والتليين والإدغام والتبيين والإمالة والتفخيم والمد والقصر والإثبات والحذف والابتداء والوقف ، وغير ذلك من الحروف المختلف فيها مما يأتي بيانه إن شاء الله وبه أستعين.
فأولهم :
١ ـ أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني (١)
__________________
(١) يزيد بن القعقاع : الإمام أبو جعفر المخزومي المدني القارئ. أحد القرّاء العشرة تابعي مشهور كبير القدر ويقال : اسمه جندب بن فيروز وقيل : فيروز. عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنهم ويقال : إنه قرأ على زيد بن ثابت.
قال الذهبي : ولم يصح. قلت : روينا عنه : أنه أتي به إلى أم سلمة وهو صغير ؛ فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة وصلى بابن عمر وأقرأ الناس قبل الحرة. سنة ثلاث وستين ، روى القراءة عنه : نافع بن أبي نعيم وسليمان بن مسلم بن جماز وعيسى بن وردان وأبو عمرو وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وإسماعيل ويعقوب ابناه وميمونة ابنته. قال يحيى بن معين : كان إمام أهل المدينة في القراءة ؛ فسمي القارئ بذلك وكان ثقة قليل الحديث. وقال ابن حاتم : سألت أبي عنه فقال : صالح الحديث. وقال يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري : كان إمام الناس بالمدينة أبو جعفر ، وقال ابن مجاهد : حدثوني عن الأصمعي عن أبي الزناد. قال : لم يكن أحد أقرأ للسنة من أبي جعفر ، وكان يقدم في زمانه على عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وقال مالك : كان أبو جعفر رجلا صالحا يقرئ الناس بالمدينة ، وقال الذهبي : فأما قراءة أبي جعفر ؛ فدارت على أحمد بن يزيد الحلواني عن قالون عن عيسى بن وردان عن أبي جعفر ، وأقرأها الزبير بن محمد العمري عن قراءته على قالون بإسناده ، وأقرأها سليمان بن داود الهاشمي عن سليمان بن مسلم عن جماز عن أبي جعفر ، وأقرأ بها الدوري عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر ، أو عن رجل عن أبي جعفر. قلت : وقد أسند الأستاذ أبو عبد الله القصاع قراءة أبي جعفر من رواية نافع عنه في كتابه المغني ، وروينا قراءته عنه في كتاب الكامل لأبي القاسم الهذلي ، وكذلك أقرأ بها أبو عبد الرحمن قتيبة بن مهران ، وقرأ بها على إسماعيل بن جعفر ، وصحت عندنا من طريقه ، والعجب ممن يطعن في هذه القراءة أو يجعلها من الشواذ وهي لم يكن بينها وبين غيرها من السبع فرق كما بيناه في كتابنا المنجد ، وقال سبط الخياط : وروى ابن جماز عنه أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما وهو صوم داود عليهالسلام ، واستمر على ذلك مدة من الزمان فقال له بعض أصحابه في ذلك فقال إنما فعلت ذلك أروّض به نفسي