لا شك إنّ موت الطبيعة وبعثها الذي نشاهده كراراً طيلة سنوات عمرنا ، ما هو إلّانموذج حي لقيامة البشرية وبعثها للحياة ما بعد للموت. فما الفارق في ذلك ، فقانون الموت والحياة واحد في كل مكان.
فلو لم تكن هناك من حياة بعد الموت ، لما إنبغى أن تستثنى الأراضي الموات من هذا القانون.
وإن كان ممكناً ، فهو ممكن كذلك بالنسبة لأفراد البشر.
فإذا لم يكن هناك أي أثر للحياة في تلك الصحراء الجافة بالأمس ، حتى لا يسمع فيها صوت البوم الشغف بذلك المكان فيسارع للهرب منه ، بينما إخضرت وغرقت في الحياة والنشاط والحركة اليوم بفعل إرتفاع درجة حرارة الجو وهبوب الرياح المعتدلة وهطول بعض الأمطار ، فما بالنا لا نعمم هذا القانون على موت الإنسان وحياته ، حقاً ما الفارق بين هذين الأمرين.
هذه هي إحدى صور القيامة التي نمرّ عليها دائما مرور الكرام.
* * *
وقد تعرض القرآن الكريم على لسان العديد من الآيات إلى هذه الحقيقة بهدف الإرشاد إلى قيامة الناس ، فقد جاء في بعض الآيات :
١ ـ (وَاللهُ الَّذي ارْسَلَ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ الى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) (١). وكما نلاحظ فإنّ قيامة البشرية قد قورنت بقيامة عالم النبات.
٢ ـ (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَانْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصيدٍ* وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْع نَضِيدٍ* رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَاحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ) (٢).
__________________
(١) سورة فاطر ، الآية ٩.
(٢) سورة ق ، الآية ٩ ـ ١١.