من غيرها ـ بحيث تولد النار إن دلكت بإحكام مع بعضها.
ولهذا السبب تحدث أحياناً الحرائق الهائلة الواسعة في الغابات دون أن يكون للإنسان أي دخل فيها ، ولم تكن النار إلّا وليدة الرياح التي ولدت إحتكاكاً بين أغصان الأشجار اليابسة فانبعثت منها ، ثم أسهمت إستمرارية الرياح في إتساع رقعة النار وإنتشارها ، وهذه هي الجدحة الكهربائية التي تظهر إثر الإحتكاك ، وهي تلك النار الكامنة في الواقع في مركز كافة ذرات كائنات العالم (حتى في الأشجار والمياه) وتبرز في الظروف المعينة ، فتنبعث «النار» من «الشجر الأخضر»!
يبدو هذا المعنى أوسع حيث يجسد لنا جمع الأضداد في الخليقة ويدل على البقاء في الفناء.
أمّا التفسير العميق الذي توصلنا إليه بفضل العلوم المعاصرة فهو عودة الطاقة المدخرة لضوء الشمس حين تركيب السليلوز النباتي (من الكاربون والاوكسجين والهيدروجين) والتي تنبعث عند إحراق الخشب والحطب وتحليل السليلوز وتركيب كاربونه باوكسجين الهواء وهذا هو الضوء والحرارة اللطيفة التي تفيض الدفىء في فصل الشتاء في ذلك الكوخ وسط القرية وتضيئه ، فقد قامت قيامتها ، وهو يفقد الآن كل ما إختزنه من حرارة طيلة عمر دون أي نقص ، بحيث لم ينقص منها حتى إشعال شمعة في لحظة (عليك بالدقة).
لا شك أنّ هذا المعنى لم يكن متصوراً حين نزول الآية من قبل عامة الناس ، ولكن كما قلنا فإنّ هذا الأمر ليس مدعاة لأية مشكلة ، لأن لآيات القرآن عدّة معان تختلف باختلاف المستويات وتبعاً للإدراكات في العصور والقرون المختلفة. فمن عاصر القرآن كان يفهم شيئاً منه ، وتفهم اليوم نحن شيئاً أكثر من ذلك.