بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. ولم يشاركه في ملكه أحد ، يا من تعالت أسماؤك ، وتقدست صفاتك. تعطي وتمنع ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، يا مالك الملك ، تعطي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، والصلاة والتسليم على من اصطفيته لخير رسالة ، وأنزلت عليه خير كتاب ، لخير أمة أخرجت للناس ، سيدنا محمد ابن عبد الله ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه ، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
وبعد
فإن علم التوحيد ، علم جليل الشأن ، عظيم القدر ، شرف بنسبته إلى الله سبحانه تعالى ، وهو أساس لكل علم نافع ومفيد.
وعقيدة توحيد الله ، وانفراده باستحقاق الربوبية والمعبودية ، جاء أمر الله بها ، لكل رسول ، بعث إلى قومه ، ليبلغهم باعتناقها لا يعتريها تغيير ، ولا تبديل ، مهما تغيرت الأجيال والأزمان.
أما الشرائع المبنية عليها ، فإنها تتغير بما يناسب حال كل أمة مصداقا لقوله تعالى (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) (١) ولما اكتمل رشد الإنسانية واتسعت دائرة تفكيرها ومواهبها ، جاءت خاتمة الرسالات ، متضمنة شريعة سمحاء لكل زمان ومكان ، لما اشتملت عليه من المبادي العامة ، وأمهات الفضائل ، ولما فيها من سعادة البشرية ، دنيا ودينا ، مع يسرها وعدم الحرج
__________________
(١) سورة المائدة. آية رقم ٤٨.