لها. كما رأى أن السعد في مقاصده ينقل كثيرا من كتاب المواقف ، ومن المطالب العالية ، ومن كتاب الشفاء ، والنجاة ، والقانون ، لابن سينا وغير ذلك ، وأنه ، تارة ينقلها بالمعنى ، وتارة يزيد أو ينقص منها. وفي بعض هذه النقول تحريفات ، فكان من جهد المحقق أن يرجع إلى النص الأصلي مشيرا إلى تحديد صفحات وأسماء الكتب. كذلك مما عني به المحقق تشكيل الآيات القرآنية ، والدلالة على سورها مع ترقيم الآيات. كما عني أيضا بتخريج الأحاديث التي استشهد بها السعد ، تخريجا وافيا ، من الكتب المعتمدة ، وقد عرف البلدان والأماكن ، التي وردت في كتاب المقاصد ، كما عرف المصطلحات العلمية التي ذكرها السعد في كتابه ، إلى غير ذلك مما جاء في التحقيق. الأمر الذي يدل على جهد المحقق ، وطول باعه ، وعمق تفكيره.
وإني حينما راجعت هذا التحقيق ، وما بذل فيه المحقق من جهد ، وعلم ، ودقة فهم ، وقدرة على الابتكار ، أيقنت أن الله تعالى بارك له في وقته وعمله حتى انتهى تحقيقه في مدة لا تعدو الأربع سنوات ، مع أنه بهذه الدقة ، وصعوبة فهم المقاصد ، كان يتطلب ذلك سنين عديدة.
وختاما أرجو منه أن يزيدنا تحقيقا لتراثنا القديم ، الذي لولاه ما علمنا شيئا ، فهو المعلم لنا والمرشد ، وهو النور الذي نستضيء به ، فجزى الله علماءنا الذين خلفوا لنا هذا التراث أحسن الجزاء ، وأثابهم بما قدموه للأمة الإسلامية خير الثواب. هذا ومن الوفاء والخير لنا أن نحافظ على تراثهم ، ونحيي ما درس منها ، أما ما يقوله بعض المتفقهين : ما لنا ولهذه الكتب الصفراء التي أكل عليها الدهر وشرب؟؟ فهؤلاء عمي البصيرة ، غلف القلوب ، أعداء ما جهلوا ، فلا يؤبه لقولهم لأنه لا يعرف الفضل من الناس إلا ذووه.
أما أنت أيها العالم المحقق المدقق ، فلا نجد منا كلمة توفيك حقك من الثناء على ما قمت به في هذا التحقيق إلا أن نكل أمر عملك ، وتقديرك إلى الله ، جلت عظمته ، فهو القادر على كل شيء ، وسيوفي لك إن شاء الله الأجر مضاعفا دنيا ودينا. بارك الله في مسعاك وخطاك ، وأكثر من أمثالك ، ووفقك إلى