ما يحول أيسرها بين المرء وقلبه ، وتصدأ به (١) مرآة فكره وعقله ، ويزول بأدونها ريق خاطره وناظره ، ويذهب رونق باطنه وظاهره ، إلى أن تداركني نعمة من ربي ، وتماسك بي عودة (٢) من فهمي ولبي ، فأقبلت على إتمام الكتاب ، وانتظام تلك الفصول والأبواب ، فجاء بحمد الله كنزا مدفونا من جواهر الفرائد ، وبحرا مشحونا بنفائس الفوائد ، في لطائف طالما كانت مخزونة ، وعن الإضاعة مصونة ، مع تنقيح للكلام ، وتوضيح للمرام ، بتقريرات ترتاح لها نفوس المحصلين ، وينزاح منها شبه المبطلين ، وتضيء (٣) أنوارها في قلوب الطالبين ، وتطلع نيرانها على أفئدة الحاسدين ، لا يعقل بيناتها (٤) إلا العالمون ، ولا يجحد بآياتها إلا القوم الظالمون ، يهتز لها علماء البلاد ، في كل ناد ، ولا يغض منها (٥) إلا كل هائم في واد (٦) ، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلله فما له من هاد ، وإذا قرع سمعك ما لم تسمع به من الأولين (٧) ، فلا تسرع وقف وقفة المتأملين ، لعلك تطلع بوميض برق إلهي ، وتألق نور رباني ، من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة على برهان له جلي ، أو بيان من آخرين واضح خفي (٨) ، والله سبحانه وتعالى ولي الإعانة والتوفيق ، وبتحقيق آمال المؤمنين (٩) حقيق.
قال : (ورتبته على ستة مقاصد) (١٠) أقول : اعلم أن للإنسان قوة نظرية كما لها معرفة الحقائق كما هي ، وعملية كما لها
__________________
(١) سقط من (ب) كلمة (به).
(٢) في (ب) دعوة.
(٣) في (أ) وتضحي أنوارها وهو تحريف.
(٤) في (ب) شأنها.
(٥) سقط من (ب) كلمة (منها).
(٦) زيد في (ب) كلمة (كل).
(٧) في (ب) في بدلا من كلمة (من).
(٨) في (ب) حفى بالحاء المهملة.
(٩) في (ب) المؤملين.
(١٠) المقاصد : جمع مقصد لمكان القصد أطلقه على ما يقصد للبحث عن حقيقته وما يتعلق به من المسائل العلمية ، لأنه يتخيل فيه أنه ظرف للقصد ويحتمل أن يكون جمع مقصود ، وأسقطت الياء المقلوبة عن الواو في الجمع ، لأنه جائز ووجهه جعل الكتاب على ستة مقاصد.