الحكم على أن الكلام ليس في المسألة ، بل في المركب الاعتباري الذي هو العلم ، ولا خفاء في أن المسائل مادة له (١) ومرجّع الصورة إلى جهة الاتحاد إذ بها تصير المسائل تلك الصناعة المخصوصة فإن قلت : اشتراط تشارك موضوعات العلم الواحد في جنس أو في غيره (٢) لا يدفع اختلال أمر اتحاد العلم واختلافه إذ قلما يخلو موضوعا العلمين عن تشارك (٣) في ذاتي أو عرضي أقله الوجود بل مثل الحساب ، والهندسة الباحثين عن العدد والمقدار ، الداخلين تحت جنس هو الكم لا يجعل علما واحدا بل علمين متساويين في الرتبة ، بخلاف علم النحو (٤) الباحث عن أنواع الكلمة ، قلت :
إذا كان البحث عن الأشياء من جهة اشتراكها في ذلك الأمر ومصداقه أن يقع البحث عن كل ما يشاركها في ذلك. فالعلم واحد وإلا فمتعدد ، ألا ترى أن الحساب والهندسة لا ينظران في الزمان الذي هو من أنواع الكم ، وإلى هذا يشير كلام الشفاء (٥) أن كلا من الحساب ، والهندسة إنما يجعل علما على حدة
__________________
ـ فيسمى تاليا. والموضوع والمحمول عند المنطقيين بمنزلة المسند والمسند إليه عند النحاة قال ابن سينا : والمحمول هو المحكوم به أنه موجود أو ليس بموجود لشيء آخر. وأرسطو يسمي المقولات محمولات ، لأنها تحمل على الجوهر. وهو لا يحمل على شيء والمحمولات الجدلية عند «فرفوريوس» وغيره من القدماء هي الألفاظ الخمسة. وهي : الجنس ، والنوع والفصل والخاصة. والعرض العام (راجع كتاب النجاة ص ١٩).
(١) سقط من (ب) كلمة (له).
(٢) سقط من (أ) كلمة (في).
(٣) في (أ) عن تشارك.
(٤) سقط من (ب) كلمة (علم) وسبب تسميته بعلم «النحو» ما قاله أبو الأسود الدؤلي : أنه دخل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوجد في يده رقعة فقلت : ما هذا يا أمير المؤمنين ..؟ فقال : إني تأملت كلام العرب فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعني الأعاجم فأردت أن أضع شيئا يرجعون إليه ، ويعتمدون عليه ثم ألقى إليّ الرقعة وفيها مكتوب : الكلام كله اسم وفعل وحرف وقال لي : أنح هذا النحو وأضف إليه ما وقع إليك. فكنت كلما وضعت بابا من أبواب النحو عرضته عليه إلى أن وصلت إلى ما فيه الكفاية. قال : ما أحسن هذا النحو الذي نحوت ...؟؟؟ فلذلك سمي النحو ، ذكره ابن النديم في الفهرست والقفطي في إنباء الرواة.
(٥) كتاب الشفاء : لابن سينا.