الطعن فيه (١) ، فمحمول على ما إذا قصد التعصب في الدين ، وإفساد عقائد المبتدءين ، والتوريط في أودية الضلال بتزيين ما للفلسفة من المقال.
(قال : والمتقدمون على أن موضوعه الموجود من حيث هو ، ويتميز عن الإلهي بكون البحث فيه على قانون الإسلام أي ما علم قطعا من الدين كصدور الكثرة عن الواحد ونزول الملك من السماء وكون العالم محفوفا بالعدم والفناء إلى غير ذلك مما تجزم به الملة دون الفلسفة لا ما هو الحق ولو ادعاء لمشاركة (٢) الفلسفة ككلام المخالف).
أقول : أخر هذه المباحث مع تعلقها بالموضوع محافظة على انتظام الكلام في بيان الموضوع والمسائل والغاية ، فالمتقدمون من علماء الكلام جعلوا موضوعه الموجود بما هو موجود ، لرجوع مباحثه إليه ، على ما قال (٣) الإمام حجة الإسلام (٤) أن المتكلم ينظر في أعم الأشياء وهو الموجود فيقسمه إلى قديم ومحدث ، والمحدث إلى جوهر وعرض ، والعرض إلى ما يشترط فيه الحياة كالعلم والقدرة وإلى ما لا يشترط كاللون والطعم ، ويقسم الجوهر إلى الحيوان والنبات والجماد ، ويبين أن اختلافها (٥) بالأنواع أو بالأعراض ، وينظر في القديم فيتبين (٦) أنه لا يتكثر ولا يتركب وأنه يتميز عن المحدث بصفات تجب له ، وأمور تمتنع عليه ، وأحكام تجوز في حقه من غير وجوب أو امتناع ، ويبين أن أصل
__________________
(١) قال الإمام مالك صاحب الموطأ يوصي أصحابه : إياكم والبدع. قيل : يا أبا عبد الله وما البدع ..؟ قال : أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته. ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان. ويروى أن ابن عبد البر المتوفى سنة ٤٦٣ ه في كتاب مختصر جامع بيان العلم وفضله : أن الإمام مالكا كان يقول : الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه نحو الكلام في رأي جهم والقدر وما أشبه ذلك إلخ.
(راجع كتاب صون المنطق والكلام للسيوطي ص ٣٢ ج ١).
(٢) في (ب) ولو ادعى لثبت وكذا الفلسفة لكلام المخالف.
(٣) في (ب) ما قاله.
(٤) الإمام الغزالي هو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الطوسي الشافعي ، ولد سنة ٤٤٠ ه وتوفي سنة ٤٠٤ ه. من مصنفاته : الأجوبة الممكنة عن الأسئلة المبهمة ، وإحياء علوم الدين. ومقاصد الفلاسفة ، وتهافت الفلاسفة وغير ذلك كثير من المؤلفات.
(٥) سقط من (ب) لفظ (إلى).
(٦) في (أ) بزيادة (أن).