الفعل جائز عليه ، وأن العالم فعله الجائز فيفتقر بجوازه إلى محدث ، وأنه قادر على بعث الرسل وعلى تعريف صدقهم بالمعجزات وأن هذا واقع وحينئذ ينتهي تصرف العقل ويأخذ في التلقي من النبي عليه الصلاة والسلام الثابت عنده صدقه ومقبول (١) ما يقوله في الله تعالى ، وفي أمر المبدأ والمعاد ولما كان موضوع العلم الإلهي من الفلسفة هو الموجود بما هو موجود وكان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات قيد الموجود هاهنا بحيثية كونه متعلقا للمباحث الجارية (٢) على قانون الإسلام ، فتميز الكلام عن الإلهي بأن البحث فيه إنما يكون على قانون الإسلام ، أي الطريقة المعهودة المسماة بالدين والملة ، والقواعد المعلومة قطعا من الكتاب والسنة والإجماع ، مثل كون الواحد موجد للكثير ، وكون الملك نازلا من السماء ، وكون العالم مسبوقا بالعدم ، وفانيا بعد الوجود ، إلى غير ذلك من القواعد التي يقطع بها في الإسلام دون الفلسفة ، وإلى هذا أشار من قال : الأصل في هذا العلم التمسك بالكتاب والسنة ، أي التعلق بهما وكون مباحثه منتسبة إليهما جارية على قواعدهما على ما هو معنى انتساب (٣) العقائد إلى الدين (٤) وقيل المراد بقانون الإسلام أصوله من الكتاب والسنة ، والإجماع والمعقول الذي لا يخالفها ، وبالجملة فحاصله أن يحافظ في جميع المباحث على القواعد الشرعية ولا يخالف القطعيات (٥) منها جريا (٦) على مقتضى نظر العقول القاصرة على ما هو قانون الفلسفة ، لا أن يكون جميع المباحث حقة في نفس الأمر ، منتسبة إلى الإسلام بالتحقيق ، وإلا لما صدق التعريف على كلام المجسمة والمعتزلة (٧) والخوارج (٨) ومن يجري
__________________
(١) في (ب) بقبول.
(٢) في (ب) الجائزة.
(٣) زيد في (ب) كلمة (معنى).
(٤) سقط من (ب) كلمة (إلى الدين).
(٥) في (ب) بزيادة لفظ (منها).
(٦) في (ب) إجراء بدلا من (جريا).
(٧) المعتزلة : يقولون بنفي صفات الله سبحانه وتعالى. وأن الله تعالى ليس خالقا لأفعال العبد ، وأن القرآن محدث ومخلوق. وكان التوحيد في رأيهم أن الله تعالى عالم بذاته وقادر بذاته. وسموا معتزلة لأن واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد اللذين كانا من تلاميذ الحسن البصري ادعيا «أن الفاسق ليس بمؤمن وليس بكافر» وجلسا في ناحية خاصة من المسجد فقيل عنهما أنهما اعتزلا حلقة الحسن البصري فسموا معتزلة.
(٨) الخوارج : يقال لهذه الطائفة الخوارج والحرورية والنواصب والشراة ، أما الخوارج فجمع خارج ـ