المشك بخلاف العلم. وأما المثال : فهو أن إدراك البصيرة شبه بإدراك الباصرة ، فكما أنه لا معنى للابصار إلا انطباع صور المبصر ، أي مثاله المطابق في القوة الباصرة كانطباع الصورة في المرآة كذلك العقل بمنزلة مرآة تنطبع فيها صور المعقولات أي حقائقها وماهياتها على ما هي عليها ، العلم عبارة عن أخذ العقل صور المعقولات في نفسه وانطباعها حصولها فيه ، فالتقسيم المذكور يقطع العلم عن مظان الاشتباه ، هذا المثال يفهمك حقيقة العلم ، هذا كلامه. فظهر أنه يريد عسر تحديده بالحد الحقيقي لا ما يفيد امتيازه وتفهيم حقيقته ، وأن ذلك ليس ببعيد ، وأنه لا يريد بالمثال جزئيا من جزئياته كاعتقادنا أن الواحد نصف الاثنين ، على ما فهمه البعض.
وقال الإمام الرازي تعريفات العلم لا تخلوا عن خلل لأن ماهيته قد بلغت في الظهور إلى حيث لا يمكن تعريفه بشيء أجلى منه ، وإلى هذا ذهب كثير من المحققين ، حتى قال بعضهم : وإن ما وقع فيه من الاختلاف إنما هو لشدة وضوحه لا لخفائه.
(ولا نزاع في اشتراك لفظه فقد يقال (١) المطلق إدراك العقل ، فيفسر بحصول الصورة في العقل (٢) أو وصول النفس إلى المعنى. ولأحد أقسام التصديق فيفسر بالحكم الجازم المطابق الموجب (٣) ، ولما يشمل التصور والتصديق اليقيني ، فيفسر بصفة يتجلى بها المذكور لمن قامت به إذ لا تجلي (٤) في غير اليقيني ، أو بصفة توجب تمييزا بين المعاني لا يحتمل النقيض ، والعاديات إنما تحتمل النقيض بمعنى أنه لو فرض وقوعه (٥) لم يلزم منه محال لذاته (٦) لا بمعنى تجويز العالم إياه حقيقة كما في الظن ، أو حكما كما في اعتقاد المقلد).
لفظ العلم يقال في الاصطلاح على معان منها : إدراك العقل ، فيفسر بحصول صورة الشيء في العقل ، وسيجيء في بحث الكيفيات تحقيقه ودفع ما
__________________
(١) في (ب) وقد.
(٢) سقط من (أ) كلمة (في العقل).
(٣) في (ب) والموجب.
(٤) في (ب) وضوح.
(٥) سقط من (أ) كلمة (وقوعه).
(٦) سقط من (ب) كلمة (محال).