ملزومه ، لا بأن يخلق الملزوم ولا يخلقه كسائر اللوازم الممكنة ، مثل وجود الجوهر لوجود العرض ، وتحقيقه أن جواز الترك أعمّ من أن يكون بوسط أو بلا وسط ، وأن جواز ترك (١) المقدور لا يمتنع أن يكون مشروطا بارتفاع مانع هو أيضا مقدور ، وهذا كالمتولدات عند من يقول من المعتزلة بكونها بقدرة (٢) العبد ، وإنما المنافي له (٣) امتناع انفكاكه عن المؤثر بأن لا يتمكن من تركه أصلا ، ولو صح هذا الاعتراض لارتفع علاقة اللزوم بين الممكنات ، فلم يكن تصور الابن مستلزما لتصور الأب ، ووجود العرض مستلزما لوجود الجوهر ، إلى غير ذلك ، والحاصل أن لزوم العلم (٤) للنظر عقلي عندهم ، حتى يمتنع الانفكاك كتصور الأب لتصور الابن ، وعادي عند الأولين حتى لا يمتنع الانفكاك بطريق خرق العادة (٥) كالإحراق بالنار ، وإلى المذاهب الثلاثة لأصحابنا أشار في المتن بقوله : عادة مع الكسب أو بدونه أو لزوما عقليا.
(قال : فإن قيل : الحكم بأن النظر يفيد العلم إن كان ضروريا لم يختلف فيه العقلاء، ولكان مثل الحكم بأن الواحد نصف الاثنين في الجلاء ، وإن كان نظريا كان موقوفا على ما يتوقف عليه ، وهو دور معلوم قبل أن يعلم ، وهو تناقض. قلنا : ضروري ، وقد يقع الاختلاف والتفاوت في الضروريات لتفاوت في الإلف وخفاء في التصور : أو نظري ويكتسب بنظر آخر ضروري في المقدمات ، من غير تناقض كما يقال : في قولنا العالم متغير: وكل متغير حادث أنه نظر ، وقد أفاد العلم بحدوث العالم ضرورة ، فالنظر يفيد العلم ثم يعلم أن ذلك ليس بخصوصيته بل لصحته وكونه على شرائطه ، فكل نظر
__________________
(١) في (ب) وأن جواز ذلك المقدور.
(٢) في (ب) بكونها مقدورة للعبد.
(٣) في (أ) بزيادة (له).
(٤) في (ب) بزيادة (بطريق) النظر.
(٥) العادة : معروفة والجمع (عاد) و (عادات) تقول منه : عاد فلان كذا من باب قال واعتاده وتعوده أي صار عادة له وعود (كلبه الصيد) فتعوده (والمعاودة) الرجوع إلى الأمر الأول.