الجواب بالنفي ، فبما ذا يسمى العلم الآخر ، العلم الذي يستعمله الخصوم في الرد والمقارعة ومحاولة الغلبة»؟.
وقبل الإجابة على ذلك ، نتساءل كيف نشأ علم الكلام في حياة المسلمين ..؟ أعني ما هي العوامل التي ساعدت على إيجاده ، وما زالت به حتى أصّلته ، ووضعت له المبادي والقواعد الأساسية ..؟ وإذا كان هذا العلم ، لم يعرف في البيئة العربية ، قبل ظهور الإسلام ، وقبل مبعث الرسول صلىاللهعليهوسلم.
أيكون القرآن الكريم ، وما فيه من أدلة قاطعة ، وبراهين ساطعة ، هو أحد العوامل الأساسية في إنشاء علم الكلام؟
إن ابن عساكر في كتبه (تبيين كذب المفتري) يروي عن الإمام القشيري قوله : «والعجب ممن يقول : ليس في القرآن علم الكلام».
والآيات التي هي في الأحكام الشرعية نجدها محصورة ، والآيات المنبهة على علم الأصول نجدها توفي على ذلك ، وتربى بكثير من الزيادة (١).
ويقول صاحب البرهان : «وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحديد شيء من كليات المعلومات العقلية ، والسمعية إلا كتاب الله تعالى قد نطق به. لكن أورده تعالى على عادة العرب ، دون دقائق طرق أحكام المتكلمين». ثم يقول : «واعلم أنه قد يظهر منه بدقيق الفكر استنباط البراهين العقلية ، على طرق المتكلمين» (٢).
والدكتور سليمان دنيا يقرر : أن الدور الأساسي في نشأة علم الكلام كان للقرآن وينكر بقوة دعوى البعض أن القرآن يعوق النظر العقلي (٣).
__________________
(١) راجع كتاب تبيين كذب المفتري ص ٣٥٩.
(٢) راجع البرهان للزركشي ج ٢ ص ٢٤ ، ٢٥.
(٣) التفكير الفلسفي الإسلامي ص ٣٢٤.