جهة الدلالة شديدة الاتصال بالمدلول. فمن هاهنا توهم أن العلم بها نفس العلم بالمدلول).
للنظر صحيحا كان أو فاسدا بعد شرائط العلم من الحياة والعقل وعدم النوم والغفلة ونحو ذلك ، أمران.
أحدهما : عدم العلم بالمطلوب إذ لا طلب مع الحصول.
ثانيهما : عدم الجهل المركب به أعني عدم الجزم بنقيضه ، لأن ذلك يمنعه من الإقدام على الطلب ، إما لأن النظر يجب أن يكون مقارنا للشك على ما هو رأي أبي هاشم (١). والجهل المركب مقارن للجزم فيتناقضان (٢) وإما لأن الجهل المركب صارف عنه كالأكل مع الامتلاء على ما هو رأي الحكماء ، ومن أن النظر لا يجب أن يكون مع الشك. وإليه ذهب القاضي ، بل ذهب الأستاذ إلى (٣) أن الناظر يمتنع أن يكون شاكا ، وما ذكرنا مع وجازته أوضح مما قال في المواقف : إن شرط النظر مطلقا بعد الحياة ، أمران :
الأول : وجود العقل ، والثاني : عدم ضده أي ضد النظر فمنه أي من ضده ما هو عام أي ضد للنظر ولكل إدراك (٤) كالنوم والغفلة مثلا ومنه ما هو خاص أي ضد للنظر دون الإدراكات وهو العلم بالمطلوب والجهل المركب به. فإن قيل الجهل المركب ضد للعلم فانتفاؤه مندرج في شرائط العلم فيكون في عبارتكم استدراك.
قلنا : الجهل المركب بالمطلوب يكون ضدا للعلم به لا للعلم على
__________________
(١) أبو هاشم المعتزلي : هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي من أبناء أبان مولى عثمان. عالم بالكلام من كبار المعتزلة. له آراء انفرد بها وتبعته فرقة سميت (البهشمية) نسبة إلى كنيته «أبي هاشم» وله مصنفات في الاعتزال كما لأبيه من قبله. مولده ببغداد عام ٢٤٧ ه. ووفاته بها عام ٣٢١ ه.
(٢) في (ب) فيتنافيان بدلا من (يتناقضان).
(٣) إذا ذكر لفظ الأستاذ فيقصد إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق الأسفراييني. له كتاب الجامع في أصول الدين ، خمس مجلدات وله مناظرات مع المعتزلة. مات في نيسابور عام ٤١٨ ه.
(راجع ـ وفيات الأعيان ج ١ ص ٤).
(٤) في (ب) دون الإدراكات.