الإطلاق ، ليكون انتفاؤه من جملة شرائط العلم ، وبهذا يظهر أن تفسير الضد العام في عبارة المواقف (١) مما يضاد العلم وجميع الإدراكات ، كالنوم والغفلة. والخاص بما يضاد العلم خاصة كالعلم بالمطلوب والجهل المركب به من قبيل الثاني. فإن قيل : لو كان النظر مشروطا بعدم العلم بالمطلوب لما جاز النظر في دليل ثان وثالث : على مطلوب (٢) لحصول العلم به بالدليل الأول ، أجيب : بأن ذلك إنما يشترط حيث يقصد بالنظر طلب العلم أو الظن ، لكن قد تورد صورة النظر والاستدلال لا لذلك بل لغرض آخر عائد إلى الناظر ، وهو زيادة الاطمئنان بتعاضد الأدلة أو إلى المتعلم بأن يكون ممن يحصل له (٣) استعداد القبول باجتماع الأدلة دون كل واحد أو بهذا الدليل دون ذاك ، فإن الأذهان مختلفة في قبول اليقين ، فربما يحصل للبعض من دليل ولبعض آخر من دليل آخر ، وربما يحصل من الاجتماع كما في الاقناعيات.
قال الإمام : النظر في الدليل الثاني نظر في وجه دلالته أي المطلوب منه كونه دليلا على النتيجة وهو غير معلوم ، والحق أن هذا لازم لكن المطلوب. والنتيجة اسم لما يلزم المقدمات بالذات وبالتعيين وهو القضية التي موضوعها موضوع الصغرى ومحمولها محمول الكبرى ، وأما النظر الصحيح فيشترط أن يكون نظرا في الدليل دون الشبهة ، وأن يكون النظر فيه من جهة دلالته وهي الأمر الذي بواسطته ينتقل الذهن من الدليل إلى المدلول. فإذا استدللنا بالعالم ـ على الصانع بأن نظرنا فيه وحصلنا قضيتين إحداهما : أن العالم حادث والأخرى أن كل حادث له صانع ليعلم من ترتيبها أن العالم له صانع. فالعالم هو الدليل عند المتكلمين ، لا نفس المقدمتين المرتبتين على ما هو اصطلاح المنطق ، وثبوت الصانع هو المدلول ، وكون العالم بحيث (٤) يفيد النظر فيه العلم بثبوت الصانع هو الدلالة ، وإمكان العالم أو حدوثه الذي هو سبب الاحتياج إلى المؤثر هو جهة الدلالة ، وهذه الأربعة أمور متغايرة ، بمعنى أن المفهوم من كل منها غير المفهوم من الآخر ، فتكون العلوم المتعلقة بها متغايرة بحسب الإضافة.
__________________
(١) في (ب) بما يضاد.
(٢) سقط من (ب) لفظ (على مطلوب).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (تحصل).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (بحيث).