ثم ما ذا؟ لقد مات الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والمسلمون أمرهم جميع ، يعرفون دينهم ، وينفذون تعاليم ربهم ـ غير هنات صغيرة ـ وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه انشغل المسلمون بحروب الردة ، وجاء عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقدم عليه رجل يقال له (صبيغ) فجعل يسأل عن متشابه القرآن ـ فأرسل إليه عمر ـ وقد أعد له عراجين النخل ، فلما قال له عمر : من أنت؟
قال : أنا عبد الله صبيغ ، فأخذ عرجونا من تلك العراجين فضربه حتى أدمى رأسه ، ثم عادله ، ثم تركه حتى برأ. فدعا به ليعود فقال : إن كنت تريد قتلي ، فاقتلني قتلا جميلا.
فأذن له إلى أرضه ، وكتب إلى أبي موسى الأشعري ألا يجالسه أحد من المسلمين. وأخرج نصر المقدسي ، وابن عساكر ، عن أبي عثمان النهدي. أن عمر كتب إلى أهل البصرة ألا يجالسوا صبيغا ، ولا يبايعوه ، وإن مرض فلا يعودوه ، وإن مات فلا يشهدوه (١)؟).
وأخرج نصر أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه. إذ جاءه رجل يسأله عن القرآن. أمخلوق هو أو غير مخلوق؟.
فقال علي رضي الله عنه : هذه كلمة وسيكون لها ثمرة ، ولو وليت من الأمر ما وليت ، ضربت عنقه.
أتكون هذه الوسائل والخطرات التي كانت تهجس في داخل بعض النفوس ، لها دخل في إنشاء علم الكلام ..؟ أو أن وراء إنشائه وإيجاده أسبابا أخرى ، مع التي ذكرنا ، دفعت المسلمين إلى طريق الجدل ، واصطناع علم الكلام ..؟
إننا نرى ويشاركنا في رأينا هذا كثير من العلماء ، أن تطلع بعض المسلمين
__________________
(١) راجع صون المنطق والكلام لجلال الدين السيوطي.