ولا بد في المعرف من منع خروج شيء من الأفراد ، ودخول شيء فيه مما سواها ، فما كان ذلك فيه باعتبار الذات ، والحقيقة كان أولى بهذا الاسم ، وإن كان عرضيا لها سمي المعرف رسما لكونه بمنزلة الأثر يستدل به على الطريق ، ثم إن (١) المميز إن كان مع كمال الجزء المشترك أعني ما يقع جواب السؤال بما هو عن الماهية وعن كل ما يشاركها وهو المسمى بالجنس القريب (٢) فالمعرف تام ، أما الحد فلاشتماله على جميع الذاتيات وأما الرسم فلاشتماله على كمال الذاتي المشترك ، وكمال العرضي المميز ، وإلا فناقص ، فالحد التام واحد ليس إلا ، وهو الجنس القريب مع الفصل القريب ويشترط تقديم الجنس حتى لو أخر لكان الحد ناقصا ، ومبنى هذا الكلام على أنه لا اعتبار بالعرض العام لأنه لا يفيد الامتياز ، ولا الاطلاع على أجزاء الماهية ، ولا بالخاصة مع الفصل القريب ، وإلا يلزم أن يكون المركب من الفصل القريب مع العرض العام أو مع الخاصة حدا ناقصا ، وليس كذلك في اصطلاح الجمهور ، حيث خصوا اسم الحد بما يكون من محض الذاتيات وقد يصطلح على تسمية كل معرف حدا حتى اللفظي منه ، أعني بيان مدلول اللفظ بلفظ آخر أوضح دلالة ، وكثير من المتقدمين على أن الرسم التام ما يفيد امتياز الماهية عن جميع ما عداها ، والناقص ما يفيد الامتياز عن البعض فقط ، إلا أنه استقر رأي المتأخرين على اشتراط كون المعرف مساويا أي مطردا ، ومنعكسا ، حتى لا يجوز التعريف بالأعم محافظة على الضبط ، والموصل إلى التصديق ويسمى الدليل لما فيه من الإرشاد إلى المطلوب ، والحجة لما في التمسك به من الغلبة على الخصم ، إما قياس ، وإما استقراء ، وإما تمثيل ، إذ لا بد من مناسبة بين الحجة والمطلوب ليمكن استفادته
__________________
(١) زيد في (أ) لفظ (إن).
(٢) الجنس في اللغة : الضرب من كل شيء ، وهو أعم من النوع قال ابن سينا : الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالأنواع أي بالصور ، والحقائق الذاتية ، وهذا يخرج النوع. والخاصة ، والفصل القريب.
والجنس إما قريب وإما بعيد. فإن كان الجواب عن الماهية وعن كل ما يشاركها في ذلك الجنس واحدا فهو قريب. كالحيوان بالنسبة إلى الإنسان ، فإنه جواب عن الإنسان وعن كل ما يشاركه في الحيوانية.