منها ، وتلك المناسبة إما أن تكون باشتمال أحدهما على الآخر أو لا وعلى الأول فإن اشتملت الحجة على المطلوب فهي القياس ، إذ النتيجة مندرجة في مقدمتيه ، وإن اشتمل المطلوب على الحجة فهي الاستقراء ، إذ المطلوب حكم كلي يثبت بتحقق الحكم على الجزئيات المندرجة تحته ، وعلى الثاني لا بد أن يكون هناك أمر ثالث يشتمل عليهما ، أو يندرجان فيه ، ليستفاد العلم بأحدهما من الآخر وهو التمثيل (١) ، فإن حكم الفرع وهو المطلوب يستفاد من حكم الأصل وهو الحجة ، لاندراجهما تحت الجامع الذي هو العلة ، وهذا ما قال الإمام : إنا إذا استدللنا بشيء على شيء فإن لم يدخل أحدهما تحت الآخر فهو التمثيل ، وإن دخل (٢) فإما أن يستدل بالكلي على الجزئي وهو القياس ، أو بالعكس وهو الاستقراء ، وذكر في بعض كتبه بدل الكلي والجزئي الأعم والأخص ، تصريحا بأن المراد الجزئي الإضافي لا الحقيقي ، وتنبيها على أن التفسير الجزئي الإضافي بالمندرج تحت الغير مساو لتفسيره (٣) بالأخص تحت الأعم لا أعم منه. على ما سبق إلى بعض الأوهام ، من أن معنى اندراجه تحت الغير مجرد صدق الغير عليه كليا ، وذلك لأن لفظ الاندراج منبئ عن كون الغير شاملا له ولغيره ، ولم يعرف من اصطلاح القوم أن كلا من المتساويين جزئي إضافي للآخر ، فلهذا قال صاحب الطوالع (٤) : إن استدل بالكلي على الجزئي
__________________
(١) التمثيل : هو التصوير والتشبيه ، والفرق بينهما أن كل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه تمثيلا.
وقياس التمثيل : هو الحكم على شيء معين لوجود ذلك الحكم في شيء آخر معين ، أو أشياء أخرى معينة. على أن ذلك الحكم على المعنى المتشابه فيه.
(راجع النجاة ص ٩ لابن سينا).
والفرق بين قياس التمثيل والاستقراء أن قياس التمثيل ينقل الحكم من علاقة معلومة إلى علاقة مشابهة لها من جهة ومختلفة عنها من جهة أخرى. على حين أن الاستقراء ينقل الحكم من المثل إلى المثل.
(٢) سقط من (ب) لفظ (فإما).
(٣) في (ب) لتفسير الأخص تحت الأعم.
(٤) الكتاب يسمى (طوالع الأنوار) ومؤلفه : القاضي عبد الله بن عمر البيضاوي المتوفى سنة ٦٨٥ أوله : الحمد لمن وجب وجوده الخ هو متن متين اعتنى العلماء في شأنه ، فصنف عليه أبو الثناء شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني شرحا نافعا توفي سنة ٧٤٩ ه وهو مشهور متداول بين الطالبين.
(راجع كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ج ٢ ص ١١٦)