أو بأحد المتساويين على الآخر فهو القياس ، ليتناول ما إذا كان الأوسط مساو للأصغر كقولنا : كل إنسان ناطق ، وكل ناطق حيوان.
والجواب : بأن الناطق معناه شيء ماله النطق ، وهو بحسب هذا المفهوم أعم من الإنسان لا يجدي نفعا ، إذ لا يتأتى في مثل قولنا : كل ناطق إنسان وكل إنسان حيوان والأحسن أن يقال مرجع القياس إلى استفادة الحكم على ذات الأصغر من ملاحظة مفهوم الأوسط ، وهذا أعم قطعا ، وإن كان مفهوم الأصغر مساويا له كما في المثالين المذكورين ، بل وإن كان أعم منه كما في قولنا : بعض الحيوان إنسان وكل إنسان ناطق ـ وقولنا : بعض الحيوان إنسان ، ولا شيء من الفرس بإنسان ، وقولنا : كل إنسان حيوان ، وكل إنسان ناطق ، وعلى هذا الحال الاقترانيات الشرطية ، حيث يستدل بعموم الأوضاع والتقادير على بعضها ، وأما في القياس الاستثنائي فلا يتضح (١) ذلك إلا أن يرجع إلى الشكل الأول ، فيقال : مضمون التالي أمر تحقق ملزومه ، وكل ما تحقق ملزومه فهو متحقق. أو مضمون المقدم أمر انتفى لازمه ، وكل ما انتفى لازمه فهو منتف ، والفقهاء يجعلون القياس اسما للتمثيل لما فيه من تسوية الجزءين في الحكم ، لتساويهما في العلة ، وأما على اصطلاح المنطق فوجهه أن فيه جعل النتيجة المجهولة مساوية للمقدمتين في المعلومية ، ثم القياس إن اشتمل على النتيجة أو نقيضها بالفعل بأن يكون ذلك مذكورا فيه بمادته وصورته ، وإن لم تبق قضية بواسطة أداة الشرط على ما صرح به بعض أئمة العربية من أن الكلام قد يخرج عن التمام وعن احتمال الصدق والكذب بسبب زيادة فيه ، مثل طرفي الشرطية ، كما يخرج عن ذلك النقصان فيه ، مثل قولنا زيد عالم بحذف الرابطة (٢). والإعراب سمي استثنائيا لما فيه من استثناء وضع أحد جزأي الشرطية أو رفعه ، وإلا سمي اقترانيا لما فيه من اقتران الحدود بعضها بالبعض ، أعني الأصغر والأكبر والأوسط ، والاستثنائي متصل إن كانت الشرطية المذكورة فيه متصلة ، ومنفصل إن كانت
__________________
(١) في (ب) فلا يصح ذلك.
(٢) في (أ) الربط بدلا من (الرابطة).