أو الأوقات بالبعض من ذلك ، بأن يراد من أول الأمر ذلك البعض ، أو يراد ما يفيد بيان انتهاء وقت الحكم ، ويسمى ناسخا (١) ، وعلى عدم تقديم وتأخير بغير المعنى المطلوب (٢) عن ظاهره ، وفي بعض كتب الإمام وعلى عدم الحذف ، وفسر الحذف بأن يكون في الكلام زيادة يجب حذفها لتحصيل المعنى المقصود ، كقوله تعالى (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٣) وقوله تعالى (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (٤).
فإن كلمة «لا» في الموضعين محذوفة ، أي واجبة الحذف ، وكثير من الناس يفهمون منه أن يكون في الكلام محذوف يجب تقديره ليحصل المعنى ، ويفرقون بينه وبين الإضمار ، بأن المضمر ما يبقى له أثر في اللفظ ، كقولك خبر مقدم بإضمار قدمت.
وبالجملة فلا سبيل إلى الجزم بوجود الشرائط ، وعدم الموانع ، بل غايته الظن ، وما يبتنى على الظن لا يفيد إلا الظن ، ومن جملة ما لا بد منه ولا سبيل إلى الجزم به انتفاء المعارض العقلي ، إذ مع وجوده يجب تأويل النقل وصرفه عن ظاهره ، لأنه لا يجوز تصديقهما لامتناع اعتقاد حقية النقيضين ، ولا تكذيبهما لامتناع اعتقاد بطلان النقيضين ، ولا تصديق النقل وتكذيب العقل ، لأنه أصل النقل لاحتياجه إليه ، وانتهائه بالآخرة إليه لما سبق من أنه لا بد من معرفة صدق النقل والفرع جميعا ، وما يفضي وجوده إلى عدمه باطل قطعا ، واقتصر في المتن على هذا لكونه وافيا بتمام المقصود. وذلك لأنه لما امتنع تصديق النقل لاستلزامه تكذيب العقل الذي هو الأصل ثبت أنه لا يفيد العلم ،
__________________
(١) النسخ : هو إزالة شيء يتعقبه ، كنسخ الشمس الظل ، والشيب الشباب. فتارة تفهم منه الإزالة وتارة يفهم منه الإثبات ، وتارة يفهم منه الأمران ونسخ الكتاب إزالة الحكم بحكم يتعقبه قال تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) سورة البقرة آية رقم ١٠٦.
راجع بصائر ذوي التمييز ج ٥ ص ٤٤.
(٢) في (أ) بزيادة (المطلوب).
(٣) سورة الأنبياء آية رقم ٩٥.
(٤) سورة القيامة آية رقم ١.