الخمس ، والحد ، والرسم والوضع ، والحمل ، بل عامة المقولات الثانية ، ولا يضر كون البعض اعتباريا محضا ، أو غير مختص بالموجود ، لأن بعض ما يبحث عنه أيضا كذلك كالإمكان ، فإن قيل : قد يبحث عما لا يشمل الموجود أصلا كالامتناع والعدم وعما يخص الواجب قطعا كالوجوب والقدم (١).
قلنا : لما كان البحث مقصورا على أحوال الموجود ، كان بحث العدم والامتناع بالعرض ، لكونهما في مقابلة الوجود والإمكان ، وبحث الوجوب والقدم ، من جهة كونهما من أقسام مطلق الوجوب والقدم ، أعني ضرورة الوجود الوجود بالذات أو بالغير وعدم المسبوقية بالعدم وهما من الأمور الشاملة ، أما الوجوب فظاهر ، وأما القدم فعلى رأي الفلاسفة ، حيث يقولون بقدم المجردات (٢) ، والحركة (٣) ، والزمان (٤) وغيرهم من الجواهر والأعراض ، ونظر
__________________
(١) راجع الموقف الثاني في الأمور العامة في كتاب المواقف ج ١ ص ٤٨ وما بعدها.
(٢) المجرد : اسم مفعول من التجريد. ومعنى التجريد أن يعزل الذهن عنصرا من عناصر التصور ، ويلاحظه وحده دون النظر إلى العناصر المشاركة له في الوجود. قال ابن سينا : كون الصورة مجردة إما أن تكون بتجريد العقل إياها ، وإما أن تكون ، لأن تلك الصورة في نفسها مجردة عن المادة.
(الشفاء ١ ص ٣٥٨).
والمجرد عند الحكماء والمتكلمين : هو الممكن الذي لا يكون متميزا ولا حالا في المتميز ويسمى مفارقا (كشاف اصطلاحات الفنون للتهنوي) أو هو ما لا يكون محلا لجوهر ، ولا حالا في جوهر آخر ولا مركبا منهما (تعريفات الجرجاني).
(٣) الحركة ضد السكون ولها عند القدماء عدة تعريفات ، وهي : ١ ـ الحركة : هي الخروج من القوة إلى الفعل على سبيل التدريج. ٢ ـ الحركة : هي شغل الشيء بعد أن كان في حيز آخر. ٣ ـ الحركة : كمال أول لما بالقوة من جهة ما هو بالقوة (ابن سينا رسالة الحدود).
وتقال الحركة : على تبدل حالة قادرة في الجسم يسيرا على سبيل اتجاه نحو شيء ، والوصول بها إليه هو بالقوة لا بالفعل (ابن سينا النجاة ص ١٦٩).
(٤) الزمان : الوقت كثيره وقليله : وهو المدة الواقعة بين حادثتين أولاهما سابقة وثانيتهما لاحقه. والزمان في أساطير اليونانيين : هو الإله الذي ينبضح الأشياء ويوصلها إلى نهايتها.
والزمان عند الفلاسفة : إما ماض أو مستقبل. وليس عندهم زمان حاضر بل الحاضر هو الآن الموهوم المشترك بين الماضي والمستقبل. وزعم أرسطو : أن الزمان مقدار حركة الفلك الأعظم وذلك لأن الزمان متفاوت زيادة ونقصانا. فهو إذن كم متصل وليس كما منفصلا لامتناع ـ