قلنا : قد يعقل العارض دور المعروض ، ولو سلم فيكفي ماهية بديهية ، وقد يفسر البديهي لفظ الإفادة المراد باللفظ لا تصور الحقيقة ، وقد يكون التصديق ببداهة البديهي كسبيا أو خفيا فيختلف فيه (١) ويفتقر إلى الدليل أو التنبيه).
يريد أن يشير إلى تمسكات المنكرين ببداهة الوجود ، مع الجواب عنها وهي وجوه(٢) :
الأول : أن الوجود إما نفس الماهية أو زائد عليها. فإن كان نفس الماهية والماهيات ليست ببديهية كان الوجود غير بديهي ، وإن كان زائدا عليها كان عارضا لها لأن ذلك معناه فيكون تابعا للمعروضات في المعقولية إذ لا استقلال للعارض بدون المعروض وهو غير بديهية ـ فكذا الوجود العارض بل أولى لا يقال الكلام في الوجود المطلق ، لا في الوجودات الخاصة التي هي العوارض للماهيات ، ولو سلم فالوجود المطلق يكون عارضا لمطلق الماهية. والكسبيات إنما هي الماهيات المخصوصة ، فعلى تقدير كون الوجود المطلق عارضا لا يلزم كونه تابعا للماهيات المكتسبة ، لأنا نقول الوجود المطلق عارض للوجودات الخاصة على ما سيجيء فيكون تابعا لها ، وهي تابعة للماهيات المكتسبة ، فيكون المطلق (٣) تابعا لها بالواسطة وهذا معنى زيادة التبعية ، وكذا مطلق الماهية عارض للماهيات المخصوصة لكونه صادقا عليها غير مقوم لها فيكون تابعا لها فيكون الوجود المطلق العارض مطلق الماهية عارضا لها بالواسطة.
الثاني : أن الوجود لو كان بديهيا لم يشتغل العقلاء بتعريفه ، كما لم يشتغلوا بإقامة البرهان على القضايا البديهية ، لكونهم عرفوه بوجوه كما مر (٤).
__________________
(١) ما بين القوسين زيادة في (أ).
(٢) سقط من (ب) لفظ (وهى وجوه).
(٣) في (أ) بزيادة (المطلق).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (كما مر) ويقول صاحب المواقف : إن تعريفه ليس لإفادة تصوره حتى ينافي كونه بديهيا بل تعريفه لتميز ما هو المراد بلفظ الوجود من بين سائر التصورات.
(راجع المواقف ج ١ ص ١٠٦).