كالبياض على البياضات ، والحرارة على الحرارات ، فلا يلزم من كون الوجود مفهوما واحدا(١) مشتركا بين الوجودات ، كونه طبيعة نوعية ، والوجودات أفرادا متفقة الحقيقة واللوازم وإن فرضنا اشتراك الكل في مفهوم الوجود على السواء ، من غير أولية (٢) ولا أولوية، إلا أنه لما كان الواقع هو التشكيك وكان من دأب الحكيم المحقق سلوك طريق التحقيق ذكر في جواب استدلالات الإمام أن الوجود مقول على الوجودات بالتشكيك ، لأنه في العلة أقدم منه في المعلول ، وفي الجواهر أولى منه في العرض ، وفي العرض القار كالسواد أشد منه في غير القار كالحركة ، بل هو في الواجب أقدم وأولى (٣) وأشد منه في الممكن ، والواقع على الأشياء بالتشكيك يكون عارضا لها خارجا عنها ، لا ماهية لها أو جزء ماهية ، لامتناع اختلافهما على ما سيأتي ، فلا يكون الوجود طبيعة نوعية للوجودات ، بل لازما خارجا يقع على ما تحته بمعنى واحد ، ولا يلزم من ذلك تساوي ملزوماته التي هي وجود الواجب ووجودات الممكنات في الحقيقة ، ليمتنع اختلافها في العروض واللاعروض ، وفي المبدئية للممكنات وعدم المبدئية إلى غير ذلك. والعجب أن الإمام قد اطلع من كلام الفارابي (٤) وابن سينا (٥) على أن مرادهم أن حقيقة الواجب وجود مجرد ، هي محض الواجبية لاشتراك فيه أصلا (٦) ، والوجود المشترك (٧) العام المعلوم لازم له غير مقوم بل صرح في بعض كتبه بأن الوجود مقول على الوجودات بالتشكيك (٨) ثم استمر على شبهته التي زعم أنها من المتانة (٩) بحيث لا يمكن توجيه شك نحيل عليها ،
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (واحدا).
(٢) في (أ) أولوية وهو تحريف.
(٣) سقط من (ب) لفظ (أولى).
(٤) راجع ترجمة عن الفارابي في هذا الجزء.
(٥) راجع ترجمة عن ابن سينا في هذا الجزء.
(٦) سقط من (ب) لفظ (أصلا).
(٧) سقط من (ب) لفظ (المشترك).
(٨) في (أ) مقفول وهو تحريف.
(٩) في (ب) أنها من المتشابه.