وإنما يقع المطلق عليه وقوع لازم خارجي غير مقوم ولا يتصور هذا في غير الوجود ، لأن احتياجه في التحقق إلى الوجود ضروري ، ومبنى هذا على أن الوجودات متخصصة متكثرة بأنفسها ، مشتركة في عارض هو مفهوم الكون ، كنور الشمس والسراج وبياض الثلج، والعاج (١) ولكن لما لم يكن لها أسام مخصوصة توهم أن تخصصها وتكثرها بمجرد الاضافة إلى المحال ، كما في بياضات الثلوج).
يعني أن ما ذكر من عدم تحقق الخلاف في زيادة الوجود على الماهية ذهنا ، بمعنى كون المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر ، وفي كونه نفسها عينا بمعنى عدم (٢) تمايزها بالهوية، إنما هو في الممكن ، وأما في الواجب فعند المتكلمين له حقيقية غير مدركة للعقول مقتضية بذاتها لوجودها الخاص المغاير لها بحسب المفهوم دون الهوية ، كما في الممكنات وعند الفلاسفة حقيقته وجود خاص قائم بذاته ذهنا وعينا ، من غير افتقار إلى فاعل يوجده، أو محل يقوم به في العقل ، وهو مخالف لوجودات الممكنات بالحقيقة ، وإن كان مشاركا لها في كونه معروضا للوجود المطلق ، ويعبرون عنه بالوجود البحث ، وبالوجود بشرط، لا بمعنى أنه لا يقوم بماهية ولو في العقل ، كما في وجود الممكنات وإنما ذهبوا إلى ذلك لاعتقادهم أنه لو كان له ماهية ووجود فإن كان الواجب هو المجموع لزم تركبه ولو بحسب العقل ، وإن كان أحدهما لزم احتياجه ، ضرورة احتياج الماهية في تحققها إلى الوجو ، واحتياج الوجود لعروضه إلى الماهية ولو في العقل ، وحين اعترض عليهم بأن الوجود الخاص أيضا محتاج إلى الوجود المطلق ، ضرورة امتناع تحقق الخاص بدون العام. أجابوا بأنه كون خاص متحقق بنفسه لا بالفاعل ، قائم بذاته لا بالماهية غني في التحقق عن الوجود المطلق وغيره من العوارض والأسباب ، مخالف لسائر الوجودات بالحقيقة وإن
__________________
(١) فإن كلا منها حصة مباينة لمقابلتها فكذا حصص الوجود هي متباينة في أنفسها وليست متحدة في أنفسها متباينة بإضافتها إلى محالها. وهذا أمر واضح لا يقول أحد بخلافه كما في سائر المشككات.
(٢) سقط من (ب) لفظ (عدم).