كان مشاركا لها في وقوع الوجود المطلق عليها ، وقوع لازم خارجي غير مقوم ، وهذا لا يوجب التركيب ولا الافتقار. كما أنكم إذا جعلتموه ماهية موجودة فكونه أخص من مطلق الماهية والموجود لم يوجب احتياجه (١) كيف والمطلق اعتباري محض؟ وحين اعترض بأنه لم لا يجوز أن تكون تلك الحقيقة المخالفة لسائر الحقائق المتحققة بنفسها الغنية عما سواها أمرا غير الوجود ..؟ أجابوا : بأن المتحقق بنفسه الغني عما سواه لا يجوز أن يكون غير الوجود لأن احتياج غير الموجود في التحقق إلى الوجود ضروري. وحين اعترض بأن الوجود مفهوم واحد لا يتكثر ولا يصير حصة حصة إلا بالإضافة إلى الماهيات كبياض هذا الثلج (٢) وذاك، إذ لا معنى للمقيد دون (٣) المطلق مع قيد الإضافة. أجابوا بمنع ذلك بل الوجودات حصص مختلفة وحقائق متكثرة بأنفسها ، لا بمجرد عارض الإضافة لتكون متماثلة متفقة الحقيقة ، ولا بالفصول ليكون الوجود المطلق جنسا لها ، بل هو عارض لازم لها كنوز الشمس ونور السراج ، فإنهما مختلفان بالحقيقة واللوازم مشتركان في عارض النور وكذا بياض الثلج والعاج ، بل كالكم (٤) والكيف (٥) المشتركين في العرضية ، بل الجوهر والعرض المشتركان في الإمكان والوجود ، إلا أنه لما لم يكن لكل وجود اسم خاص كما في أقسام
__________________
(١) حاصل ما ذكروا التزام أن الوجود حقائق متباينة في أنفسها لا يتوقف تباينها وتحققها على الماهيات. حتى يلزم افتقار الوجود إلى الماهية وأن ما يتوهم من الاتحاد في الحقيقة ليس كذلك ، وسببه الأسامي وسند ذلك سائر حقائق المشكل.
(٢) في (ب) بزيادة (ذاك).
(٣) في (ب) سوى بدلا من (دون).
(٤) الكم في الرياضيات : هو المقدار ، وهو ما يقبل القياس ، وعند ابن سينا : كم متصل ، وكم منفصل ، وكمية الحد في المنطق ما صدقه. والحدود تنقسم بحسب الكم إلى كلية : وهي التي لا يمنع مفهومها أن يشترك فيها كثيرون. وجزئية : وهي التي لا تشمل إلا عددا معينا من الأفراد. ومفردة : وهي التي لا تصدق إلا على فرد واحد كزيد المشار إليه. والكم : في علم ما بعد الطبيعة مقابل الكيف وهو من مقولات العقل الأساسية.
(٥) الكيفية : اسم لما يجاب به عن السؤال بكيف. كما أن الكمية : اسم لما يجاب به عن السؤال بكم. وهي إحدى مقولات أرسطو وقد عرفها القدماء بقولهم الكيف : هيئة قارة في الشيء لا يقتضي قسمة ولا نسبة لذاته.