ينقسم إلى الواجب والممكن ، والقديم والحادث ، وأنه يتكثر بتكثير (١) الموضوعات الشخصية والنوعية (٢) والجنسية (٣) وأنه يقال على الوجودات بالتشكيك (٤) ووجوه فساد هذا الرأي أصولا وفروعا أظهر من أن يخفى وأكثر من أن يحصى (٥)).
قد اشتهر فيما بين جمع من المتفلسفة والمتصوفة ، أن حقيقة الواجب هو الوجود المطلق ، تمسكا بأنه لا يجوز أن يكون عدما أو معدوما ، وهو ظاهر ولا ماهية موجودة أو مع الوجود ، لما في ذلك من الاحتياج والتركيب ، فتعين أن يكون وجودا وليس هو الوجود الخاص ، لأنه إن أخذ مع المطلق فمركب ، أو مجرد المعروض فمحتاج ضرورة احتياج المقيد إلى المطلق ، وضرورة أنه لو ارتفع المطلق لارتفع كل وجود ، وحين أورد عليهم أن الوجود المطلق مفهوم كلي لا تحقق له في الخارج ، وله أفراد كثيرة ، لا تكاد تتناهى ، والواجب موجود واحد لا تكثر فيه ، أجابوا بأنه واحد شخصي موجود بوجود هو نفسه ، وإنما التكثر في الموجودات فبواسطة الإضافات لا بواسطة تكثر وجوداتها فإنه إذا نسب إلى الإنسان حصل موجود ، وإلى الفرس فموجود آخر ، وهكذا. وعلى هذا فمعنى قولنا : الواجب موجود أنه وجود ، ومعنى قولنا : الإنسان أو الفرس أو غيره موجود أنه ذو وجود ، بمعنى أن له نسبة إلى الواجب وهذا احتراز عن شناعة (٦) التصريح بأن الواجب ليس بموجود ، وأن كل وجود حتى وجود القاذورات واجب ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، وإلا فتكثر الوجودات وكون الوجود المطلق مفهوما كليا لا تحقق له إلا في الذهن ضروري ، وما توهموا من احتياج
__________________
(١) في (ب) يتكثر بالموضوعات بحذف (يتكثر).
(٢) كوجود الإنسان والحيوان.
(٣) كوجود الحيوان والنبات.
(٤) الواحد بالشخص لا يصدق على أشياء لا بالتشكيك ولا بغيره ، فلا يصح نسبة القول به للقدماء القائلين بالصدق تشكيكا.
(٥) نحو كون الوجود المطلق مع الوجود الخاص يستدعي التعدد ذهنا.
(٦) الشناعة : الفظاعة وقد شنع الشيء من باب ظرف فهو شنيع. والاسم : الشنعة بالضم. قال الأزهري : شنع على فلان أمره تشنيعا.