قلنا : ممنوع إذ كما ترتفع سواديته يرتفع وجوده.
فإن قيل : فلا يكون السواد سوادا وهو محال.
قلنا : بمعنى السلب فيمتنع الاستحالة ، أو بمعنى العدول بأن نتصور (١) ماهية السواد مع كونها لا سوادا فتمتنع الملازمة.
فإن قيل : السواد سواد ، وإن لم يوجد الغير ضرورة أن لكل شيء ماهية هو بها مع قطع النظر عن كل ما عداه. قلنا : قطع النظر عن الشيء (٢) لا يوجب انتفاءه).
القائلون بأن المعدوم الممكن ثابت في الخارج تمسكوا (٣) بوجوه :
الأول : أنه متميز وكل متميز ثابت ، أما الصغرى فلأنه قد يكون معلوما فيتميز عن غير المعلوم ، ومرادا فيتميز عن غير المراد ، ومقدورا فيتميز عن غير المقدور. وأما الكبرى فلأن التميز عند العقل لا يتصور إلا بالإشارة العقلية بهذا وذاك ، والإشارة تقتضي ثبوت المشار إليه ضرورة امتناع الإشارة إلى النفي الصرف (٤).
الثاني : أنه ممكن ، وكل ممكن ثابت لأن الإمكان وصف ثبوتي على ما سيأتي ، فيكون الموصوف به ثابتا بالضرورة.
والجواب عن الأول : أنه إن أريد أن التميز يقتضي الثبوت في الخارج فممنوع ، وإنما يلزم لو كان التميز بحسب الخارج ، وإن أريد في الذهن فلا يفيد.
وعن الثاني : أنا لا نسلم (٥) كون الإمكان ثبوتيا بمعنى كونه ثابتا في الخارج ، بل هو اعتبار عقلي يكفي ثبوت الموصوف به في العقل ، ثم لا خفاء في أن الممتنعات كشريك الباري ، واجتماع النقيضين وكون الجسم في آن
__________________
(١) في (ج) يتقرر بدلا من (يتصور).
(٢) سقط من (أ) جملة (كل ما عداه قلنا قطع النظر عن الشيء).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (عدد).
(٤) في (ب) العدم بدلا من (النفي).
(٥) في (ب) لا ثم وهو تحريف.