أصلا ، وإن كان مجهولا مطلقا ، والحكم بعدم صحة الحكم حكم فتناقض ، لأن بعض المجهول المطلق صح الحكم عليه ، وقد يجاب بأن القضية مشروطة ، أي لا يصح الحكم عليه (١) ما دام مجهولا مطلقا ، وهي لا تناقض المطلقة ، وهو مدفوع بأدنى تغير ، وهو أن يقيد انتفاء الشرط بالدوام ، أي ما يكون مجهولا مطلقا دائما لا يصح الحكم عليه دائما ، أو يعتبر إمكان التصور.
فيقال : لو كان الحكم على الشيء مشروطا بتصوره ، لكان مشروطا بإمكان تصوره ضرورة ، فيلزم أن لا يمكن الحكم على ما لا يمكن تصوره أصلا ، والحكم بعدم الإمكان حكم ، وبالجملة فالشبهة مما يورد في (٢) موارد كثيرة مثل قولنا : ضرب فعل ماض ، ومن حرف جر ، وليس باسم ، وما لا يتصور أصلا ، ليس بكلي إلى غير ذلك ، فينبغي أن يكون الجواب حاسما للمادة ، وحاصله أن الموضوع في أمثال هذه القضايا متعدد. فالمجهول المطلق من حيث ذاته ممتنع (٣) الحكم عليه ، ومن حيث كونه متصورا محكوم عليه ، وضرب من حيث ذاته فعل ، ومن حيث كونه هذا اللفظ اسم وهكذا. وقد يقال في بيان بطلان قولنا : لا شيء من المجهول مطلقا ، يصح الحكم عليه. أن كل مجهول مطلقا فهو شيء أو لا شيء وممكن أو لا ممكن ، وبالجملة فإما (ب) أو ليس (ب). ضرورة امتناع ارتفاع النقيضين ، وفيه منع ظاهر ، وهو أنا لا نسلم (٤) صدق شيء من هذه القضايا ، إنما يلزم ارتفاع النقيضين لو سلبا عن شيء واحد ، وهاهنا كما لا سلب لا إيجاب ، لأن كلا منهما(٥) حكم مشروط بتصور الموضوع فلذا بينه القوم بطريق الترديد على ما ذكرنا.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (عليه).
(٢) في (ب) مواد بدلا من (موارد).
(٣) في (ب) يمتنع.
(٤) في (ب) لاثم وهو تحريف.
(٥) سقط من (ب) لفظ (منهما).