الحاكم وتفسيره بما في العقل الفعال (١) بعيدا جدا ، اذا قصد بيان المفهوم ، لأنه قد يقع التصديق ممن لا يعرفه ، بل ينكره. وأما الاعتراض بأنه لا يشمل علمه ، ولا العلم السابق عليه ، ولا العلم بالجزئيات فيمكن دفعه :.
يعني. أن الحكم قد يكون صحيحا أي حقا وصدقا (٢) وقد يكون فاسدا أي باطلا وكذبا (٣) وإن كان غالب استعمال الصدق والكذب في الأقوال خاصة ، وليست صحة الحكم بمطابقته لما في الأعيان ، إذ قد لا يتحقق طرفا الحكم في الخارج ، كما في الحكم بالأمور الذهنية ، على الأمور الذهنية أو الخارجية.
كقولنا : الإمكان اعتباري ومقابل للامتناع ، واجتماع النقيضين ممتنع.
كقولنا : الإنسان ممكن ، أو أعمى ، ولا يكفي المطابقة لما في الأذهان لأنه قد يرتسم فيها الأحكام الغير المطابقة للواقع ، فلزم أن يكون قولنا : العالم قديم حقا وصدقا ، لمطابقته لما في أذهان (٤) الفلاسفة ، وهو باطل قطعا ، بل المعتبر في صحة الحكم مطابقته لما في نفس الأمر ، وهو المراد بالواقع والخارج ، أي خارج ذات المدرك والمخبر. ومعناه ما يفهم من قولنا ، هذا الأمر كذا في نفسه ، أو ليس كذا أي في حد ذاته ، وبالنظر إليه مع قطع النظر عن إدراك المدرك ، وإخبار المخبر. على أن المراد بالأمر الشأن والشيء ، وبالنفس الذات.
فإن قيل : كيف يتصور هذا فيما لا ذات له ، ولا شيئية في الأعيان كالمعدومات سيما الممتنعات.
فالجواب إجمالا : أنا نعلم قطعا أن قولنا : اجتماع الضدين مستحيل مطابق لما في نفس الأمر. وقولنا : إنه ممكن غير مطابق ، وإن لم يعلم كيفية
__________________
(١) العقل الفعال : في رأي الفلاسفة هو الواهب الصور جميعا في عالم الكون والفساد.
(٢) سقط من (ب) لفظ (وصدقا).
(٣) في (أ) مينا بدلا من (كذبا).
(٤) في (ب) عند بدلا من (أذهان).