تلك المطابقة بكنهها (١) ، ولم يتمكن من تلخيص العبارة فيها. وتفصيلا : أن المطابقة إضافة يكفيها تحقق المضافين بحسب العقل ، ولا خفاء في أن العقل عند ملاحظة المعنيين ، والمقايسة بينهما سواء كانا من الموجودات أو المعدومات ، نجد بينهما بحسب كل زمان نسبة إيجابية أو سلبية تقتضيها الضرورة أو البرهان ، فتلك النسبة من حيث إنها نتيجة الضرورة أو البرهان بالنظر إلى نفس ذلك المعقول من غير خصوصية المدرك والمخبر (٢) ، هي المراد بالواقع وما في نفس الأمر ، وبالخارج أيضا عند (٣) من يجعله أعم مما في الأعيان على ما بينا ، فصحة هذه النسبة تكون بمعنى أنها الواقع وما في نفس الأمر ، وصحة النسبة المعقولة ، أو الملفوظة من زيد أو عمرو أو غيرهما بين ذينك المعنيين ، يكون بمعنى أنها مطابقة لتلك النسبة الواقعة ، أي على وفقها في الإيجاب والسلب ، ولما لم تتصور للنسبة المسماة بالواقع ، ومما في نفس الأمر ، سيما فيما بين المعدومات حصول إلا بحسب التعقل ، وكان عندهم أن جميع صور الكائنات وأحكام الموجودات والمعدومات مرتسمة في جوهر مجرد أزلي (٤) يسمى بالعقل الفعال ، فسر بعضهم ما في نفس الأمر بما في العقل الفعال (٥) ، ويستدل على وجوده بأن : الأحكام مع اشتراكها في الثبوت الذهني ، منها ما هو مطابق لما في نفس الأمر كالحكم بأن الواحد نصف الاثنين ، ومنها ما هو غير مطابق كالحكم بنقيض ذلك. فللأول متعلق خارج عن الذهن يطابقه ما في الذهن ، ولأن من الأحكام ما هو أزلي (٦) ، لا يلحقه تغير أصلا ولا خروج من قوة إلى فعل ، ولا يتعلق بوضع أو زمان أو مكان ، مع أن المطابقة لما في نفس الأمر في الكل معنى واحد ، لزم أن يكون ذلك المتعلق الخارجي مرتسما في مجرد أزلي مشتمل على الكل بالفعل ،
__________________
(١) في (ب) بينهما.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (هي).
(٣) في (ب) على بدلا من (عند).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (أزلي).
(٥) سقط من (ب) : فسر بعضهم ما في نفس الأمر بما في العقل الفعال.
(٦) في (ب) أولي بدلا من (أزلي).