تغاير المعروض والعارض ، ولهذا يصدق على المتنافيين كالإنسان الضاحك وغير الضاحك ، فهي في نفسها ليست شيئا من العوارض ، ولو على طرفي النقيض ، كالوجود والعدم ، والحدوث والقدم ، والوحدة والكثرة ، وإنما ينضم إليه هذه العوارض فيحصل بها (١) موجودا ومعدوما ، حادثا وقديما ، واحدا وكثيرا إلى غير ذلك ، وتتقابل تلك الماهية ، أي يعرض لها تقابل الأفراد بتقابل الأوصاف ، فلا يصدق الإنسان الواحد. على الإنسان الكثير وبالعكس ، ولا الجسم المتحرك على الجسم الساكن ، وعلى هذا القياس فحيث يحمل بعض العوارض على الماهية من حيث هي هي ، كما يقال الأربعة من حيث هي هي زوج أو ليست بفرد ، يراد أن ذلك من عوارض الماهية ، ولوازمها ، ومقتضياتها من غير نظر إلى الوجود ، ولو لم يرد ذلك لم يصح إلا حمل الذاتيات ، فالأربعة من حيث هي هي (٢) ليست إلا الأربعة ، ولهذا قالوا لو سئل بطرفي النقيض. فقيل الأربعة من حيث هي ، هي زوج ، أو ليست بزوج.
كان الجواب الصحيح : سلب كل شيء بتقديم حرف (٣) السلب على الحيثية مثل أن يقال : ليست من حيث هي بزوج ولا فرد ولا غير ذلك من العوارض. بمعنى أن شيئا منها ليس نفسها ولا داخلا فيها ، ولا يصح أن يقال هي من حيث هي زوج أو ليست بفرد، أو ليست هذا ولا ذاك بتقديم الحيثية ، لدلالته على أن ذلك الثبوت (٤) أو السلب من ذاتياتها.
والتقدير أنها من العوارض ، وأما إذا أريد بتقديم الحيثية أن ذلك العارض من مقتضيات الماهية صح في مثل قولنا : الأربعة من حيث هي هي (٥) زوج ، أو ليست بفرد دون قولنا : الإنسان من حيث هو ضاحك أو ليس بضاحك. فما ذكر في المواقف من أن تقديم الحيثية على السلب معناه اقتضاء السلب ، وهو باطل ليس على إطلاقه.
__________________
(١) سقط من (أ) فيحصل بها.
(٢) سقط من (ب) لفظ (هي) الثانية.
(٣) في (أ) بزيادة (حرف).
(٤) في (ب) الإيجاب بدلا من (الثبوت).
(٥) سقط من (أ) لفظ (هي) الثانية.