وقال الإمام : ولو سئلنا بموجبتين هما في قوه النقيضين. كقولنا الإنسان إما واحدا أو كثيرا ، لم يلزمنا أن نجيب عنه (١) البتة ، بخلاف ما إذا سئل بطرفي النقيض ، لأن معنى السؤال بالموجبتين. أنه إذا لم يتصف بهذا الموجب ، اتصف بذاك ، والاتصاف لا يستلزم الاتحاد (٢) ، بل يستلزم التغاير ، وهذا ما قال في المواقف (٣) : لو سئلنا عن المعدولتين فقيل الإنسانية من حيث هي هي (٤) أو لا لم يلزمنا الجواب. ولو قلنا لا هذا ولا ذاك. أي ليست من حيث هي ولا بتقديم الحديثية (٥) صح لما مر ، ولا يخفى ما في لفظ المعدولتين (٦) من العدول (٧) عن الطريق. فإن قولنا هذا ليست من المعدولة في شيء.
كذا قولنا : هذا واحد أي لا كثير ، وكثير أي لا واحد وبصير أي لا أعمى ، وأعمى أي لا بصير ، لم يقل أحد بكونها معدولة ، وفي قوله : تتقابل بتقابلها إشارة إلى جواب سؤال تقديره : إن الإنسانية التي في زيد إن كانت هي التي في عمرو لزم أن يكون للشخص الواحد في آن واحد في مكانين ، وموصوفا بوصفين متضادين ، وإن كانت غيرها لم تكن الماهية أمرا واحدا مشتركا بين الأفراد ، وتقرير الجواب : أنها عينها بحسب الحقيقة غيرها بحسب الهوية ، ولا يمتنع كون الواحد لا بالشخص في أمكنة متعددة ، ومتصفة بصفات متقابلة ، بل يجب في طبيعة الأعم أن يكون كذلك.
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (البتة).
(٢) في (ب) الإيجاب بدلا من (الاتحاد).
(٣) راجع كتاب المواقف ج ٣ ص ٢٢ وما بعدها.
(٤) سقط من (أ) لفظ (هي) الثانية.
(٥) في (ب) بتقديم السلب صح.
(٦) القضية المعدولة : هي التي موضوعها أو محمولها اسم غير محصل كقولك اللاإنسان أبيض أو الإنسان لا أبيض. والقضية المعدولة المطلقة في وصفها بالعدول هي التي محمولها كذلك ، كقولك زيد هو غير بصير فقولنا زيد هو غير بصير قضية موجبة معدولة.
(٧) في (ب) المعدول.