يقول أحد المفكرين الإسلاميين موضحا ومعلقا الخلافات الناشبة من علم الكلام : «كانت المناقشات في الأصل مما لا ينبغي أن يتجاوز حدود المناظرات المنطقية والعلمية والفنية ، ولكنا أقحمنا اسم الله عزوجل في مناقشات لا معنى لها.
فحاول كل فريق منا إسناد الكفر والإلحاد إلى الفريق الآخر» (١).
ونقول وكيف لا يتم ذلك ...
والنظام المعتزلي يقول : إن الله عزوجل لا يقدر على شيء من الشر ، وإن إبليس يقدر على الخير والشر.
وقال هشام الفوطى : إن الله لا يوصف بأنه عالم لم يزل.
وقال بعض المعتزلة : يجوز على الله سبحانه وتعالى الكذب إلا أنه لم يقع منه. وقال المجبرة : لا قدرة للآدمي ، بل هو كالجماد مسلوب الاختيار والفعل.
وقالت المرجئة : إن من أقر بالشهادتين ، وأتى بكل المعاصي لم يدخل النار أصلا (٢). ونقول لهؤلاء جميعا قول الله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)(٣). يقول الشيخ محمد الغزالي : وعفا الله عن أجدادنا فقد أولعوا بذلك ، وأعانهم عليه أن الدولة الإسلامية كانت سيدة العالم.
فلا بأس على رجالها أن يشتغلوا بالترف العقلي ، وأن يحولوا فراغهم من الجهاد في سبيل الله إلى جهاد في هذا الميدان الخطر ، فانشغلوا بأنفسهم عن أعدائهم ، ثم ذهب الرجال وبقي الجدال ، بقي إلى اليوم يهدد وحدة الأمة ، ويهز كيانها (٤) ونصل بذلك إلى السؤال الثالث : هل المسلمون الآن بحاجة إلى
__________________
(١) راجع عقيدة المسلم للشيخ محمد الغزالي.
(٢) نقد العلم والعلماء لابن الجوزي ص ٨١.
(٣) سورة الكهف آية رقم ٥.
(٤) عقيدة المسلم للشيخ محمد الغزالي.