فظهر أن للجزء (١) خواصا ثلاثا : ـ
الأولى : ـ التقدم في الذهن ، والخارج ، وهي خاصة حقيقية لا تصدق على شيء من العوارض.
الثانية : الاستغناء عن الواسطة في التصديق ، بمعنى وجوب الثبوت ، وامتناع السلب بمجرد إخطار الجزء والماهية بالبال ، بل بمجرد تصور الماهية وهذه خاصة إضافية لا حقيقية ، لصدقها على اللوازم البينة بالمعنى الأعم ، إن اشترط اخطارهما ، والأخص إن اكتفى بتصور الماهية.
الثالثة : الاستغناء عن الوسط في الثبوت ، وهي أيضا إضافية ، لصدقها على الأعراض الأولوية ، أعني اللاحقة للشيء لذاته من غير واسطة ، سواء كان الجزم بثبوتها للموضوع ، محتاجا إلى وسط كتساوي الزوايا الثلاث للقائمتين بالنسبة إلى المثلث ، فإنه لازم له لذاته ، ويفتقر بيانه إلى وسائط أو غير محتاج ، كالانقسام بالمتساويين للأربعة ، والبيض بسطح الجسم الأبيض فالاستغناء عن الوسط يجعل القضية أولية (٢) ، والاستغناء عن الواسطة يجعل محمولها أوليا ، وبينهما عموم من وجه ، لتصادقهما في انقسام الأربعة ، وبياض السطح ، وصدق الأولى بدون الثانية في بياض الجسم ، وبالعكس في تساوي زوايا المثلث (٣) للقائمتين.
فإن قيل : إن أريد بالخاصة الأولى التقدم في الوجودين جميعا (٤) على ما
__________________
(١) الجزء : هو ما يتركب الشيء منه ومن غيره. سواء كان موجودا في الخارج أو في العقل. وهو أصغر من الكل. إلا أنه قد يكون أبسط منه فيسمى عنصرا أو ركنا أو أصلا ، وقد يكون مساويا له في التركيب فيسمى قطعة أو قسما والجزء الذي لا يتجزأ جوهر ذو وضع لا يقبل القسمة أصلا لا قطعا ولا كسرا ولا وهما ولا فرضا ، تتألف الأجسام من آحاده بانضمام بعضها إلى بعض. أثبته المتكلمون ونفاه الفلاسفة.
(راجع الجوهر الفرد).
(٢) القضايا التي لا نستطيع استنتاجها من قضايا أخرى فهي أولية من الناحية المنطقية لاستغنائها عن غيرها.
(٣) في (ب) في القائمتين بدلا من (للقائمتين).
(٤) في (ب) معا بدلا من (جميعا).