عارض له لا جزء منه ، وإن أريد المجموع المركب منهما ، فلا نسلم أنه موجود ، فإن الوصف إذا كان من الأعراض المحسوسة كما في الجسم الأبيض لم يكن المجموع إلا مركبا اعتباريا ، فكيف إذا كان مما وجوده نفس المتنازع ، واعترض صاحب المواقف : بأن المراد بالمتعين هو ذلك الشخص المعلوم وجوده بالضرورة كزيد مثلا ، وليس مفهومه مجرد مفهوم الانسان وإلا لصدق على عمرو ، بل الإنسان مع شيء آخر يسميه التعين فيكون جزءا من زيد الموجود فيكون موجودا. والجواب : أنا سلمنا أن ليس مفهومه مفهوم الإنسان الكلي الصادق على عمرو. ولكن لم لا يجوز أن يكون هو الانسان المقيد بالعوارض المخصوصة المشخصة التي لا تصدق على غيره دون المجموع ولو سلم فجزء المفهوم لا يلزم أن يكون موجودا في الخارج ولو سلم فذلك الشيء هو ما يخصه من الكم والكيف والأين ونحو ذلك ، مما يعلم وجوده بالضرورة من غير نزاع لكون أكثرها من المحسوسات ، وهم لا يسمونها التعين ، بل ما به التعين الثاني ، أن الطبيعة (١) النوعية كالإنسان مثلا لا تتكثر بنفسها ، لما سبق من أن الماهية من حيث هي لا تقتضي الوحدة والكثرة ، وإنما تتكثر بما ينضاف إليهما من العوارض الموجودة المخصوصة التي ربما تكون محسوسة وهو المراد بالتشخص.
الثالث : أن التعين لو كان عدميا لما كان متعينا (٢) في نفسه ، إذ لا هوية للمعدوم ، فلم يكن معينا لغيره ضرورة أن ما لا ثبوت له ، لا يصلح سببا لتميز الشيء عما عداه بحسب الخارج. والجواب : عنهما أن ما ينضاف إلى الطبيعة ،
__________________
(١) الطبيعة : هي القوة السارية في الأجسام التي يصل بها الموجود إلى كماله الطبيعي ، وهذا المعنى هو الأصل الذي ترجع إليه جميع المعاني الفلسفية التي يدل عليها هذا اللفظ.
فمن هذه المعاني : قول ابن سينا : والطبيعة مبدأ أول لكل تغير ذاتي وثبات ذاتي. (راجع رسالة الحدود).
وفلسفة الطبيعة : فلسفة مقصورة على البحث في المادة وأحوالها ، وهي أحد اقسام الفلسفة عند بعض فلاسفة الألمان في القرن التاسع عشر أمثال «شيلنج» و «هيجل».
(٢) في (ب) لكان (منتفيا).