فقيل : العدمي المعدوم ، وقيل ما يكون عدما مطلقا (١) ، أو مضافا متركبا ، مع وجودي ، كعدم البصر عما من شأنه ، أو غير متركب كعدم قبول الشركة ، وقيل ، ما يدخل في مفهومه العدم ككون الشيء بحيث (٢) لا يقبل الشركة. والوجودي بخلافه ، فهو الموجود ، أو الوجود مطلقا ، أو مضافا ، أو ما لا يدخل في مفهومه العدم ، والعبرة بالمعنى دون اللفظ ، حتى إن العمى عدمي ، واللاعدم وجودي ، وفي المواقف أن الوجودي ما يكون ثبوته لموصوفه بوجوده له ، أي بحسب الخارج. نحو السواد لا أن يكون ذلك باعتبار وجودهما في العقل ، واتصاف موصوفه به فيه (٣) أي في العقل دون الخارج كالإمكان (٤) ، وهو أعم من الموجود ، لجواز وجودي لا يعرض له الوجود أبدا ، لكنه بحيث إذا ثبت للموصوف ، كان ذلك بوجوده له. وهذا معنى ما قال القاضي الأرموي ، إذا قلنا لشيء إنه وجودي ، لا نعني أنه دائم الوجود ، بل نعني أنه مفهوم يصح أن يعرض له الوجود الخارجي عند قيامه بموجود ، وعند قيامه بمعدوم ، لا يكون له وجود ، وكأنه يريد الأعم من وجه ، وإلا فمن الموجود ما لا يسمى وجوديا كالانسان ، وغيره من المفهومات المستقلة ، وأما الاعتباري فهو ما لا تحقق له إلا بحسب فرض العقل ، وإن كان موصوفه متصفا به في نفس الأمر كالإمكان ، فإن الإنسان متصف به في نفس الأمر ، بمعنى أنه بحيث إذا نسبه العقل إلى الوجود يعقل له وصفا هو الإمكان ، ويقابله الحقيقي إذا تقرر هذا ، فلا خفاء في أن العوارض المشخصة وجودية ، والهذية اعتبارية ، وتميز الفرد عما عداه ، وعدم قبوله الشركة وكونه ليس غيره أو لا يقبل الشركة عدمية.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (مطلقا).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (بحيث).
(٣) سقط من (ب) لفظ (فيه).
(٤) الإمكان في اللغة : مصدر أمكن إمكانا والامكان في الشيء عند المتقدمين هو اظهار ما في قوله إلى الفعل.
قال ابن سينا : والإمكان إما أن يعني به ما يلازم سلب ضرورة العدم وهو الامتناع واما أن يعني به ما يلازم سلب الضرورة في العدم والوجود جميعا. (راجع الاشارات : ٣٤) ، فاعتبار الذات وحدها لا يخلوا إما أن يكون مقتضيا لوجوب الوجود ، أو مقتضيا لامتناع الوجود. (راجع النجاة ص ٣٦٧). ونحن نسمي امكان الوجود قوة الوجود (راجع الشفاء ٢ : ٤٧٧).