الذاتي لو كان بالغير ، لارتفع بارتفاعه فممنوع الملازمة ، وبين الإمكان ، والذاتيين انفصال حقيقي ، والانقلاب محال.
فإن قيل : الحادث ممتنع في الأزل ، ثم يمكن ، والمقدورية ممكنة قبل الوجود ، ثم تمتنع.
قلنا : فرق بين أزلية الإمكان ، وإمكان الأزلية. فالحادث ممكن في الأزل والأبد ، والحادث في الأزل ممتنع دائما ، وامتناع المقدورية بعد الوجود غيري لا ذاتي).
يعني أن الوجوب بالغير ، والامتناع بالعير يتشاركان في اسم الضرورة ، إلا أن الأول ضرورة الموجود. والثاني : ضرورة العدم ، وهذا يعني تقابل المضاف إليه ، وإذا أخذ الوجوب والامتناع متقابلي المضاف إليه ، بأن يضاف أحدهما إلى الوجود والآخر إلى العدم ، صدق كل منهما على ما صدق عليه الآخر ، بطريق الاشتقاق ، بمعنى أن كل ما يجب وجوده بالغير ، يمتنع عدمه (١) بالغير ، وبالعكس ، وكل ما يجب عدمه بالغير يمتنع وجوده بالغير (٢) ، وبالعكس. وإذا أضيف كل منهما إلى الوجود أو إلى العدم (٣) امتنع صدق أحدهما على الآخر ، إذ لا شيء مما يجب وجوده يمتنع وجوده ، ولا شيء مما يجب عدمه يمتنع عدمه ، وهو ظاهر ، فبينهما منع الجمع دون الخلو ، إذ لا يصدق شيء منهما على الواجب بالذات ، أو الممتنع بالذات ، لكن جزء هذه المنفصلة المانعة للجمع. أعني قولنا : إما أن يكون الشيء واجبا بالغير ، أو ممتنعا بالغير مما يجوز انقلاب أحدهما إلى الآخر بأن ينعدم الموجود الواجب بالغير ، لانتفاء علته ، فيصير ممتنعا بالغير ، ويوجد الممتنع المعدوم (٤) بالغير لحصول علته ، فيصير واجبا بالغير ، بخلاف الوجوب الذاتي ، والامتناع
__________________
(١) في (ب) وجوده من (عدمه).
(٢) سقط من (ب) قوله : (وكل ما يجب عدمه بالغير يمتنع وجوده بالغير).
(٣) في (أ) العلم وهو تحريف.
(٤) في (ب) المعدوم الممتنع بالغير.