التحيز (١) ، جوابهم بعينه ، والاعتراض (٢) بأنه لا احتياج حال البقاء ، لأن التأثير حال البقاء في الوجود ، تحصيل الحاصل.
قيل : وفي البقاء وفي أمر متجدد تأثير في غير الباقي جاز في الإمكان مع زيادة حال ما قبل الوجود ، فإنه نفي محض.
الجواب : أن معنى الاحتياج إلى المؤثر ، توقف الوجود أو العدم أو استمراره على أمر ما).
قد سبق أن الممكن محتاج إلى السبب. إلا أن ذلك عند الفلاسفة وبعض المتكلمين لإمكانه ، وعند قدماء المتكلمين لحدوثه ، وقيل لإمكانه مع الحدوث ، وقيل بشرط الحدوث. احتجت الفلاسفة على دعواهم ، بأن العقل إذا لاحظ كون الشيء غير مقتضي الوجود أو العدم بالنظر إلى ذاته. حكم بأن وجوده أو عدمه لا يكون إلا بسبب خارج وهو معنى الاحتياج ، سواء لاحظ كونه مسبوقا بالعدم أو لم يلاحظ. واحتجوا على إبطال مذهب المخالف ، بأن الحدوث وصف للوجود ، ومتأخر عنه لكونه عبارة عن مسبوقية الوجود بالعدم ، والوجود متأخر عن تأثير المؤثر ، وهو عن الاحتياج إليه ، وهو عن علة الاحتياج وجزئها وشرطها ، فلو كان الحدوث علة للاحتياج أو جزؤها أو شرطها ، لزم تأخر الشيء عن نفسه بمراتب ، وعارضهم بعض المتكلمين ، فقالوا : سبب الاحتياج هو الحدوث ، لأن العقل إذا لاحظ كون الشيء مما (٣) يوجد بعد العدم ، حكم باحتياجه إلى علة تخرجه من العدم إلى الوجود ، وإن لم يلاحظ كونه غير ضروري الوجود والعدم ، ولا يجوز أن يكون هو الإمكان ، لأنه كيفية لنسبة (٤) الوجود إلى الماهية ، فيتأخر عن الوجود المتأخر عن التأثير المتأخر عن الاحتياج إلى المؤثر. والحق أن هذه العلة إنما هي بحسب العقل بمعنى أنه يلاحظ الإمكان
__________________
(١) فالتحيز يلاحظ الجرم فيوجد ولا ينفك عنه فيحكم أنه هو العلة.
(٢) على من يقول أن الحدوث علة الاحتياج.
(٣) في (ب) ربما بدلا من (مما).
(٤) في (ب) نسبة بإسقاط (ل).