الجوزية (١) ، وسعد الدين التفتازاني وغيرهم. قد صاولت فكرهم المنحط ، ونازلت معتقداتهم المسفّهة في الضلال ، وأصابت منها مقتلا ، وإذا كانت الحروب قد أشاعت الفوضى ، وأنزلت بالناس المجاعة ، وتحول الكثير من أفراد المجتمع إلى لصوص وقطاع طرق ، فإن فقهاء هذا العصر ، قد قعدوا القواعد ، وأصلوا الأصول ، وقدموا لمجتمعهم الصورة المثلى لما يجب أن يعيش عليه المجتمع الإسلامي ، إذا قلت موارده ، أو ضاقت عليه سبل الرزق ، وهذا ما فعله العالم الجليل المعز بن عبد السلام (٢) ، وابن رفعة (٣) ، وابن جماعة ، وغيرهم من الفقهاء الأعلام.
وأيضا فإن تتابع الحوادث في هذا العصر ، وتقلبات الليالي ، وصروف
__________________
ـ جماعة من أهلها فسجن مدة ، ونقل إلى الاسكندرية ثم أطلق فسافر إلى دمشق سنة ٧٢٠ ه واعتقل بها سنة ٧٢٠ وأطلق ثم أعيد ومات معتقلا بقلعة دمشق عام ٧٢٨ ه. تصانيفه تزيد على أربعة آلاف كراسة منها السياسية الإلهية والآيات النبوية ، والفتاوى ، والإيمان ، والجمع بين النقل والعقل وغير ذلك.
(راجع فوات الوفيات ١ : ٣٤ والمنهج الأحمد ، والدرر الكامنة ١ : ١٤٤ ، والبداية والنهاية ١٤ : ٢٥).
(١) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الدمشقي ، أبو عبد الله شمس الدين من أركان الإصلاح الإسلامي ـ ولد عام ٦٩١ ه بدمشق ـ تتلمذ على الشيخ ابن تيمية. وهو الذي هذب كتبه ، ونشر علمه ، وسجن معه في قلعة دمشق ، وأهين وعذب بسببه. من كتبه. «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية و «شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر» وغير ذلك كثير ـ توفي عام ٧٤١ ه.
(راجع الدرر الكامنة ج ٣ ص ٤٠٠ وجلاء العينين ص ٢٠).
(٢) هو عبد العزيز عبد السلام بن أبي القاسم عز الدين الملقب «سلطان العلماء» فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد ولد عام ٥٧٧ ه بدمشق ، تولى الخطابة والتدريس بزاوية الغزالي ثم بالجامع الأموي. أنكر على الصالح إسماعيل تسليمه قلعة (صغب للفرنج) فغضب عليه وحبسه ثم أطلق سراحه فجاء إلى مصر. لم مصنفات كثيرة ، توفي بالقاهرة عام ٦٦٠ ه.
(٣) هو أحمد بن محمد بن علي الأنصاري أبو العباس. نجم الدين ، المعروف بابن الرفعة. فقيه شافعي من فضلائهم ، حضر إلى مصر كان محتسب القاهرة ، ونائب في الحكم له كتب منها : بذل النصائح الشرعية في ما على السلطان وولاة الأمور وسائر الرعية والإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان. ندب لمناظرة ابن تيمية فسأل ابن تيمية عنه بعد ذلك فقال : رأيت شيخا يتقطر فقه الشافعية من لحيته توفي عام ٧٧٠ ه.
(راجع البدر الطالع ١ : ١١٥ وطبقات الشافعية : ٥ : ١٧٧).