وكذلك عالم يوم الجمعة بما أنشأ يوم الخميس ، فلا تغير ولا حدوث في علمه أصلا.
الرابع : في أنه تعالى حي كما قال تعالى هو الحي القيوم والمراد بالحياة صفته يتأتى معها العلم والقدرة ، ويدل على ذلك مضافا إلى النقل ثبوت القدرة والعلم له تعالى بما تقدم وثبوتهما دليل على الحياة بل لازمهما فهو الحي الذي لا يموت وتوضيح ذلك إنا لما رأينا هذا العالم من السماوات والأرضين وما بينهما علمنا أن له بانيا قادرا عالما بناه بقدرته وعلمه ، ولما رأيناه تجدد الحوادث فيه وانتظامه من الإماتة والإحياء ونمو النبات ونزول الماء وسكون الأرض وتحرك الهواء ودوران الفلك الدوار وسير الشمس والقمر بالليل والنهار والإفقار والإغناء والتمليك والإفناء والإضحاك والإبكاء والتمريض والشفاء ونحو ذلك علمنا أن فاعل هذه الأفاعيل حي ، واعلم أن حياة الممكنات إنما تحقق بعروض صفة زائدة لها ، وحياة الله تعالى عين ذاته كسائر صفاته غير زائدة عليها ، ومرجعها إلى القدرة والعلم ، ومرجع جميع الصفات إلى الذات المقدسة كما يأتي توضيحه إن شاء الله تعالى والتعبير بهذه العبارات للإفهام :
عباراتنا شتى وحسنك واحد |
|
وكل إلى ذاك الجمال يشير |
الخامس : قديم أزلي أبدي سرمدي ، إن من مستلزمات ذات العالم القادر والوجود الواجب الحياة والبقاء لأنهما لو عدما من ذاته كان ممكنا لا واجبا لأن الفناء والانعدام يستلزمان وجود المفنى والمعدم أو قوة تطرؤهما على الذات من الخارج ، وقد ذكرنا بأدلة قاطعة أن وجود الواجب الوجود هو ما يستلزمه بقاء المخلوقات والموجودات ، وقلنا إن من خصائص المادة الحركة ، والحركة تلزم وجود المحرك لها وبدون المحرك تتوقف الحركة ، فذاته تعالى باق إلى الأبد حتى فناء مخلوقاته لأن انعدام الحركة لا يوجب انعدام المحرك ، إما أنه قديم أبدي فإنه لو لم يكن قديما لكان حادثا ، والله ليس بحادث لأن الحدوث من صفات الممكنات.