وفي الذرة دلائل على وجود حكمته تعالى بل في كل زاوية الكون الحكمة متجلية كما ذكرنا في إثبات وجود المبدأ سابقا.
ويدل عليه قول الرضا عليهالسلام في دعائه : سبحانه من خلق الخلق بقدرته واتقن ما خلق بحكمته ووضع كل شيء منه موضعه بعلمه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وأيضا كما أن جميع الممكنات أثر لوجوده فكذا جميع كمالاتها أثر لكمال والذي ينتهي إليه جميع العلوم لا يجهل شيئا.
علمه تعالى عام :
واعلم أن علمه تعالى عام يعم جميع المعلومات كلياتها وجزئياتها لوجهين :
الأول : لو لم يكن كذلك لزم الجهل ولو في البعض وهو نقص يجب تنزيهه تعالى عنه.
الثاني : أنه تعالى منزه عن المكان والزمان كما يأتي فلا نسبة بينه تعالى وبين مخلوقاته إلا وجوب ذاته وإمكان مخلوقاته وقدرته عليها.
وما زعمه بعض حكماء اليونان من عدم عموم علمه تعالى بل انحصاره كالعلم بأن الإنسان حيوان ناطق والحمار حيوان ناهق دون الجزئيات كزيد وعمرو وبكر ، ومرض كل منهم وصحته وطوله وقصره لأنها متجددة حادثة والعلم يتبع المعلوم فيلزم تغير العلم وتجدده فيكون تعالى محلا للحوادث فهو فاسد لأن علم الخالق لا يقاس بعلم المخلوق والعلم التابع للمعلوم إنما هو علم المخلوق دون الخالق إذ هو تعالى عالم إذ لا معلوم ، وعالم بما كان قبل أن يكون فلا تغير ولا حدوث في علمه الأزلي فله معنى العالمية إذ لا معلوم كما له تعالى معنى القادرية إذ لا مقدور ومعنى الخالقية إذ لا مخلوق ، ولنضرب لذلك مثالا للتفهيم ، فنقول إذا أراد زيد يوم السبت إنشاء كلام يوم الخميس فهو عالم يوم السبت بما ينشئ يوم الخميس