ولا يعبدوا غيره ، فلو كان القضاء إلزاما بالجبر لما نهاهم عن عبادة غيره ، ومن معاني القضاء، الحكم كقوله تعالى : (لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) الشورى / ١٤. أي لحكم فيما بينهم ، ومنها إتمام الشيء والوفاء به ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ) القصص / ٢٩. أي لما أتم ووفي الأجل الذي كان بينه وبين شعيب ، ومنها الأخبار والإعلام كقوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) الاسراء / ٤. أي أخبرناهم وأعلمناهم ، ومنها الخلق كقوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) فصّلت / ١٢. أي خلقهن.
ومن معاني القضاء الإرادة ، كقوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) البقرة / ١١٧.
وللقدر كما للقضاء معاني شتى منها التقدير والتحديد ، كقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) المؤمنون / ١٨. وقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) الحجر / ٢١.
ومن معانيه الإعلام والأخبار ، كقوله تعالى : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) النمل / ٥٧. أعلمنا وأخبرنا عنها أنها من الغابرين ، ومنها الخلق كقوله تعالى : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ) ومنها التضيق ، كقوله تعالى : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) أي ضيق عليه رزقه الفجر / ١٦.
ومنها الكتابة كقول الشاعر :
واعلم بأن ذو الجلال قدره |
|
في الصحف الاولى التي قد سطره |
وهناك معاني أخر للقضاء والقدر ، وكلها لا تدل على أن الله تعالى قضى على بعض عباده الكفر وقدر على بعض آخر الإيمان بحيث لا يسعهم مخالفة ما قضى به وقدره عليهم كما يقول المجبرة وأحسن دليل على إبطال ما ذهبوا إليه هو أن المسلمين جميعا متفقون على وجوب الرضا بقدر الله وقضاه ، فلو كان الكفر