هنالك أيضا حقائق مجهولة يجب الاعتراف بجهله لها (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ).
يرى المفكر في أحوال الكون : أن كل شيء قد أخذ قسطا من الكمال بقدر استعداده وقابليته (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) سورة الرعد ، وأن الكمال سائد في كل شيء ولا يشذ شيء عنه ، فالذرة كاملة والبروتون كامل والنيوترون كامل والايونات كاملة والوردة كاملة وشعاع روتنكن كامل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) سورة بني اسرائيل.
أي أن كل شيء من تمام كماله وكمال تكامله وأنه يشير الى تنزه الباري جل جلاله من كل نقص والى حسن ابداعه وجليل إتقانه الخلق سبحانه وتعالى عما يشركون ولكنا لا نفقه درجة هذا الكمال وحقيقة هذا التنزيه إلا بقدر ما توصلت إليه معلوماتنا ومعارفنا ولم تصل معلوماتنا الى حد نفقه بها تسبيح الأشياء والكمال المودع فيها إلا ظواهر ومعلومات ضئيلة نسلي بها أنفسنا.
ومن هنا ظهر معنى الحديث الشريف : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه ، فالمولود يولد موحدا معترفا بخالقه.
سؤال رجل ملحد لأبي الحسن :
دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) وعنده جماعة فقال أبو الحسن عليهالسلام : أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم وليس هو كما تقولون ألسنا وإياكم سواء شرعا لا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ فسكت الرجل ، ثم قال أبو الحسن عليهالسلام : وان كان القول قولنا وهو قولنا ألستم قد هلكتم ونجونا؟ فقال : رحمك الله أوجدني كيف هو وأين هو؟ فقال : ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط ، هو أيّن الأين بلا أين وكيّف الكيف بلا كيف فلا يعرف بكيفوفية ولا بأينونية ولا يدرك بحاسة ولا يقاس بشيء.