الثالثة : أن طبيعة الوجود قابلة للشدة والضعف بنفس ذاتها البسيطة التي لا تركيب فيها خارجا ولا زمنا ولا اختلاف بين أفرادها بميز ذاتي وبمصنف عرضي أو بمشخص زائد على أصل الطبيعة وإنما تختلف أفرادها وآحادها بالشدة والضعف الذاتي والتقدم والتأخر الذاتين كالنور.
الرابعة : أن الوجود مما يقبل الاشتداد والتضعيف يعني أنه يقبل الحركة الاشتدادية وأن الجوهر في جوهريته أي وجوده الخاص يقبل الاستحالة الذاتية.
الخامسة : أن كل مركب بصورته هو هو لا بمادته فالسرير سرير بصورته لا بمادته والسيف سيف بحدته لا بحديده والحيوان بنفسه لا بجسده وإنما المادة حاملة قوة الشيء وإمكانه وموضوعه انتقالاته وحركاته حتى لو فرضت صورة المركب قائمة بلا مادة لكان الشيء بتمام حقيقته موجودة وبالجملة نسبة المادة الى الصورة نسبة النقص الى التمام فالنقص يحتاج الى التمام والتمام لا يحتاج الى النقص.
السادسة : أن هوية البدن وتشخصه إنما يكونان بنفسه لا بجرمه فزيد مثلا زيد بنفسه لا بجسده ولأجل ذلك يستمر وجوده وتشخصه ما دامت النفس باقية فيه وإن تبدلت اجزاؤه وتحولت لوازمه من أينه وكمّه وكيفه ووضعه كما في طول عمره وكذا القياس لو تبدلت صورته الطبيعية بصورة مثالية كما في المنام وفي عالم القبر والبرزخ الى يوم البعث أو بصورة اخروية كما في الآخرة فإن الهوية الإنسانية في جميع هذه التحولات والتقلبات واحدة هي هي بعينها لأنها واقعة على سبيل الاتصال الوحداني التدريبي ولا عبرة بخصوصيات جوهرية وحدود وجودية واقعة في طريق هذه الجوهرية وإنما العبرة بما يستمر ويبقى وهي النفس لأنها الصورة التمامية في الإنسان التي هي أصل هويته وذاته وتجمع ماهيته وحقيقته ومنبع قواه وآلاته ومبدأ أبعاضه وأعضائه وحافظها ما دام الكون الطبيعي باقيا ثم نبدلها على التدريج بأعضاء روحانية وهكذا الى أن تصير بسيطة عقلية إذا بلغت الى كمالها العقلي بتقدير رباني وجذبة إلهية فإذا سئل عن بدن زيد مثلا هل هو عند الشباب ما هو عند الطفولة وعند الشيخوخة