كان الجواب بطرفي النفي والاثبات صحيحا باعتبارين أحدهما اعتبار كونه جسما بالمعنى الذي هو مادة وهو في نفسه محصل والثاني اعتبار كونه جسما بالمعنى الذي هو جنس وهو أمر مبهم فالجسم بالمعنى الأول جزء من زيد غير محمول عليه متحد معه وأما إذا سئل عن زيد الشباب هل هو الذي كان طفلا وسيصير هو بعينه كهلا وشيخا كان الجواب واحدا وهو نعم لأن تبدل المادة لا يقدح في بقاء المركب بتمامه لأن المادة معتبرة لا على وجه الخصوصية والتعين بل على وجه الجنسية والابهام. إذا علمت هذه المقدمات ، فاعلم أن من تأمل وتدبر في هذه المقدمات لم يبق له شك وريب في مسئلة المعاد وحشر النفوس والأجساد ويعلم يقينا ويحكم بأن هذا البدن بعينه لا بدن آخر متباين له عنصريا كان كما ذهب إليه جمع من فلاسفة الإسلام ، أو مثاليا كما ذهب إليه الاشراقيون فهذا هو الاعتقاد الصحيح المطابق للشريعة والملة الموافق للبرهان والحكمة فمن صدّق وآمن بهذا فقد آمن بيوم الجزاء وقد أصبح مؤمنا حقا والنقصان عن هذا الايمان خذلان وقصور عن درجة العرفان. هكذا قرر صدر الفلاسفة في كتاب أسفاره.
اثبات المعاد الجسماني ببرهان آخر ذكره شيخنا
المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء :
وقال : إن من الواضح المعلوم بل المحسوس لكل ذي حس أن كل شخص من البشر مركب من جزءين : الجزء المحسوس وهو البدن العنصري الذي يشاهد بعين الباصرة ويشغل حيزا من الفضاء وجزء آخر يحسّ بعين البصيرة ولا تراه عين الباصرة ولكن يقطع كل أحد بوجود شيء من الانسان بل والحيوان غير هذا البدن بل هو المصرّف والمتصرّف في البدن ولولاه لكان هذا البدن جمادا لا حس فيه ولا حركة ولا شعور ولا إرادة ، إذا فيلزمنا للوصول إلى الحقيقة والغاية المتوخاة البحث عن هذين الجزءين فإذا عرفناهما حق المعرفة فقد عرفنا