كل شيء واندفع كل إشكال إن شاء الله. (وأليك البيان) يشهد العيان والوجدان وهما فوق كل دليل وبرهان ، وإليهما يرجع أكثر الأدلة أن هذا البدن المحسوس الحي المتحرك بالإرادة لا يزال يلبس صورة ويخلعها ، وتفاض عليه اخرى. وهكذا لا تزال تعتور عليه الصور منذ كان نطفة فعظاما فجنينا فمولودا فرضيعا فغلاما فشابا فكهلا فشيخا فميتا فترابا. تكونت النطفة من تراب ثم عادت الى التراب. فهو لا يزال بعد أن أنشأه باريه من أمشاج ، فجعله سميعا بصيرا إما شاكرا أو كفورا ، في خلع ولبس. أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ، يخلع صورة ويلبس اخرى ، وينتقل من حال الى حال ومن شكل الى آخر ، مريضا تارة وسالما وهزيلا وسمينا ، وأبيضا وأسمرا وهكذا تعتوره الحالات المختلفة ، والأطوار المتباينة. وفي كل ذلك هو هو لم تتغير ذاته وإن تبدلت أحواله وصفاته ، فهو يوم كان رضيعا هو يوم صار شيخا هرما لم تتبدل هويته ، ولم تتغير شخصيته. بل هناك أصل محفوظ ليحمل كل تلك الأطوار والصور ، وليس عروضها عليه وزوالها عنه من باب الانقلاب فانقلاب الحقائق مستحيل في فطرة العقول ، فصورة المنوية لم تنقلب دموية أو علقية. ولكن صورة المني تبدلت بصورة الدم. وهكذا فالصور متعاقبة متبادلة ، لا متعاقبة منقلبة. كما قال الفيلسوف السبزواري في المنظومة : (إذ صورة لصورة لا تنقلب وهذه الصور كليا متعاقبة في الزمان لضيق وعائه مجتمعة في وعاء الدهر لسعته ، والمتفرقات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الدهر ، ولا بد من محل حامل وقابل لتلك الصور المتعاقبة ما شئت فسمه مادة أو هيولى أو الأجزاء الأصلية كما في الخبر الآتي ، وكما أن المادة ثابتة لا تزول ، فكذلك الصور كلها ثابتة في محلها في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
ثم إن هذا البدن المحسوس العنصري لا ريب في أنه يتحصل من الغذاء وأن أجزائه تتحلل وتتبدل. فهذا الهيكل الجسماني بقوة الحرارة الغريزة التي فيه